كتب / هدير فكري
في الذكرى 48 لحرب أكتوبر المجيدة إستضافت قناة النيل الثقافية بالتلفزيون المصري المؤرخ الفني الدكتور ” أحمد عبد
الصبور ” المتحدث الرسمي والمستشار الإعلامي للمجموعة 73 مؤرخين في برنامج مصر 2030 مع الإعلامي المتميز “
أحمد عبد العزيز ” .
وقد دار اللقاء حول بطولات حرب أكتوبر 1973 بداية من نكسة 1967 وحرب الإستنزاف ، وقد جاء أهم ما في الحلقة على
لسان المؤرخ ” أحمد عبد الصبور “
قائلاً : على الرغم ما حدث في نكسة يونيو 1967 وغياب الجهود الدبلوماسية فيما بعد لحل القضايا المتعلقة بالصراع العربي
الإسرائيلي …
إلا أنه في سبتمبر 1967 صاغت الدول العربية في قمة الخرطوم سياسة ” اللاءات الثلاث ” وهي : ” لا صلح .. ولا إعتراف
.. ولا تفاوض مع إسرائيل ” …
وذلك تحت شعار : ” ما أُخذّ بالقوة ، لا يسترد إلا بالقوة ” .
وسرعان ما إستأنف الرئيس ” جمال عبد الناصر ” الأعمال القتالية على طول قناة السويس … التي أخذت في بدايتها شكل قصف
مدفعي محدود وغارات في سيناء ، لكن بحلول عام 1969 ، كان الجيش المصري مستعداً لعمليات أكثر إتساعاً .
ففي الثامن من مارس ، أعلن الرئيس ” جمال عبد الناصر ” إنطلاق حرب الإستنزاف رسمياً ، والتي إتسمت بقصف واسع
النطاق على طول القناة ، مع عمليات قنص دقيق وغارات لقوات الصاعقة … وإشتد القتال مع إقتراب فصل الصيف .
كان الجيش المصري قادراً على الحفاظ على حرب ثابتة طويلة ومكلفة ، نظراً لتفوقه العددي والمدفعي على القوات الإسرائيلية
…
لذلك سعت إسرائيل إلى إظهار تفوقها الجوي لردع مصر عن مواصلة الحرب
وفي أوائل يوليو 1969، أُعطيت تعليمات للقوات الجوية الإسرائيلية بإعداد هجوم ضخم على المواقع المصرية على الضفة
الغربية من قناة السويس
وقد وصلت إلى 500 غارة جوية إسرائيلية على الجيش المصري ( مدفعية طائرة ) …
كما إشتركت أيضاً في العمليات العسكرية ضد الجيش المصري سلاح المدرعات
والبحرية الإسرائيلية ، وقوات الكوماندوز البحري الإسرائيلي ” شياطيت 13 ” ، وقوات العمليات الخاصة ” سييرت متكال “
في عدة عمليات أشهرها :
عملية ” بولموس 5 ” أو ” السعار 5 ” في 21 يونيه 1969 ، وهي غارة نفذتها عناصر من الكوماندوز البحري الإسرائيلي “
شياطيت 13 ” على نقطة حراسة الجيش المصري في رأس الأدبية ( ميناء الأدبية ) شمال خليج السويس .
وعملية ” بوكسر ” أو ” عملية ” الملاكم ” وهي عملية ضد المواقع المصرية سعى الجيش الإسرائيلي إلى تحييد موقع محطة
رادار الإنذار المبكر وموقع إستخبارات الإشارة (ELINT) على الجزيرة الخضراء ، وهي جزيرة محصنة بقوة تقع بالقرب من
المدخل الجنوبي لقناة السويس … حيث أعتبر وجودها تهديداً محتملاً للطائرات الإسرائيلية العاملة في المنطقة ، لذلك تعرضت
الجزيرة لهجوم القوات الخاصة الإسرائيلية في 19 يوليو كجزء من عملية ” بولموس 6 ” .
وعملية ” رافيف ” أو عملية ” الزعفرانة ” والمعروفة أيضاً بإسم ” حرب العشر ساعات ” وقد جرت في 9 سبتمبر 1969،
حيث كانت الهجوم البري الرئيسي الوحيد الذي شنه الجيش الإسرائيلي ضد مصر طوال فترة الحرب … وشهدت العملية تستر
القوات الإسرائيلية في شكل قوات مصرية وإستخدامها المدرعات العربية المستولى عليها خلال حرب 67 مستخدمين أخطر
سلاح وهو عنصر ( الخداع ) .
وعملية ” الديك 53 ” وهي عملية عسكرية إسرائيلية جَرّت خلال حرب الإستنزاف بهدف الإستيلاء على رادار مصري من نوع
بي – 12، وغالباً ما يشار إلى العملية بالإسم الإنجليزي لها ( روستر ,Rooster ) ، وقد جرت ما بين ليلة 26 و27 ديسمبر969 .
لقد إختلف القادة العسكريين والجنود الإسرائيليين في روايتهم عن تلك العمليات في مذكراتهم ، فمنهم من رأى إنها نجحت في
تحقيق الهدف المراد منها ومنهم من رأى إنها لم تحقق المطلوب منها ، ولكن الجميع إتفق أن جميع تلك العمليات فشلت في ردع
مصر من الإستمرار في حرب الإستنزاف .
إن حرب الإستنزاف أو حرب الألف يوم كما أطلق عليها بعض الإسرائيليين هي من مهدت لإنتصار الجيش المصري في حرب
أكتوبر 73 … لذلك أعدت قيادة الأركان المصرية خطة لحرب أكتوبر تحت إسم ” المآذن العالية ” وهي الخطة التي تم تعديلها
فيما بعد وقبل الحرب بشهر واحد إلى ” العملية بدر ” .
إن المخابرات الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية لم تكن على نفس الدرجة من الواقعية ، كانوا يميلوا إلى الإعتقاد بأن مصر لن
تحارب …
رغم أن طيران الإستطلاع الأميريكي رصد تحركات عسكرية مصرية تؤكد أن مصر تستعد لشن حرب .
ورغم أن الرئيس ” محمد أنور السادات ” في تصريح صحفي قال :
” إن الوقت قد حان لإحداث الصدمة ” .
إن الإسرائيليين إعتمدوا على إننا شعوب ثقافاتها خطابية أكثر مما تتعاطى مع الحقائق الموضوعية .
حيث إن إسرائيل بعد إنتصارها في حرب الأيام الستة في 1967 سادها شعور بغرور القوة وبالحصانة ضد أي رد فعل عربي ،
وهذا الغرور كان له ما يبرره :
– إسرائيل كانت تمتلك السيادة الجوية في أي معركة متوقعة .
– والمجرى الملاحي لقناة السويس كان مانع طبيعي لعبور أي مدرعة مصرية .
– وإرتفاع الساتر الترابي بطول القناة من 20 : 25 م ( إرتفاع حوالي 7 طوابق ) ، وزاوية ميل الساتر الترابي أكثر من 45
درجة ، وهي زاوية المقصود بها منع تسلق الدبابات الساتر أو الإنزال عليه بدون تجهيزات هندسية مسبقة .
– كما أن النظام الدفاعي الكامل الذي يحمل إسم ” حاييم بارليف ” والمعروف بـ ( خط بارليف ) وهو مكون من 22 حصن
بيضم 35 نقطة حصينة ، وكل نقطة حصينة محاطة بـ 15 دائرة من الأسلاك الشائكة والقاطعة ، وحقل ألغام بعمق حوالي 200
م ، وكل نقطة بها 25 دشمة خراسانية مدججة بالأسلحة من مدافع الرشاشات الثقيلة ومدافع المورتر ( الهاون ) وأسلحة مضادة
للدبابات ( م / د ) وأسلحة مضادة للطائرات ( م / ط ) … كما يوجد 11 نقطة على بعد من 5 : 8 كم وسط كثبان رملية .
لقد إنتصر الجيش المصري على العدو الإسرائيلي ، وإستعاد أرض سيناء ، بعد إحتلالها لمدة 6 سنوات ، حيث حقق الجيش
المصري الإنتصار على الجيش الإسرائيلي وإستطاع إستعادة الأرض وتحقيق الإنتصار العظيم رغم كل المعوقات التي كان
يرددها البعض حينها ، وكانت تروج لها القوى العظمى ، إلا أن الجيش المصري إستطاع تحطيم المستحيل .
وقام الجيش المصري في العاشر من رمضان الساعة الثانية ظهراً ، بعبور خط القناة ، لتبدأ موجات من الجيش المصري تعبر
تدريجياً ، وذلك في منظومة عمل تم إعدادها بشكل متقن للغاية ، فاجأت الجميع حينها ، حيث أنه في تمام الساعة الثانية ظهراً في
يوم 6 أكتوبر 1973 نفذت أكثر من 200 طائرة حربية مصرية ضربة جوية على الأهداف الإسرائيلية بالضفة الشرقية للقناة ،
وعبرت الطائرات على إرتفاعات منخفضة للغاية لتفادي الرادارات الإسرائيلية ، وإستهدفت الطائرات المطارات ومراكز القيادة
ومحطات الرادار والإعاقة الإلكترونية وبطاريات الدفاع الجوي وتجمعات الأفراد والمدرعات والدبابات والمدفعية والنقاط
الحصينة في خط بارليف ومصاف البترول ومخازن الذخيرة .
وبدأت المدفعية المصرية وهي مكونة من 2000 مدفع وهاون مقسمين على 135 كتيبة مدفعية مع لواء صواريخ تكتيكية ،
بعد عبور الطائرات بخمس دقائق بقصف التحصينات والأهداف الإسرائيلية الواقعة شرق القناة بشكل مكثف تحضيراً لعبور
المشاة ، فيما تسللت عناصر سلاح المهندسين والصاعقة إلى الشاطئ الشرقي للقناة لإغلاق الأنابيب التي تنقل السائل المشتعل
إلى سطح القناة ، وفي الساعة الثانية والثلث تقريباً توقفت المدفعية ذات خط المرور العالي عن قصف النسق الأمامي لخط
بارليف ونقلت نيرانها إلى العمق حيث مواقع النسق الثاني ، وقامت المدفعية ذات خط المرور المسطح بالضرب المباشر على
مواقع خط بارليف لتأمين عبور المشاة من نيرانها ، بعدها عبر القناة 2000 ضابط و30 ألف جندي من خمس فرق مشاة ،
وإحتفظوا بخمسة رؤوس كباري وإستمر سلاح المهندسين في فتح الثغرات في الساتر الترابي لإتمام مرور الدبابات والمركبات
البرية .
لقد كانت حرب أكتوبر ” العاشر من رمضان ” ، حدثا فريداً ، بل نقطة تحول في مسار الصراع العربي الإسرائيلي
وكان من أبرز سمات حرب أكتوبر هو ظهور كفاءة المقاتل العربي ، ومدى إرتفاع مستوى نوعيته وقدرته على إستيعاب
وإستخدام الأسلحة الحديثة والمعقدة بما فيها الأسلحة الإليكترونية .
والجدير بالذكر أن مؤسسة ” مؤرخي مصر للثقافة ” والمشهورة إعلامياً بإسم ” المجموعة 73 مؤرخين ” قد قامت بالتسجيل
مع أكثر من 700 بطل من أبطال حرب أكتوبر ، كما أقامت أكثر من 240 ندوة في مختلف الجامعات والمعاهد والأندية
ومراكز الشباب والمكتبات العامة وغيره وغيره … لنشر الوعي ومشاهدة وسماع الحقائق والواقع من الأبطال الحربيين الحقيقيين
أبطال حرب أكتوبر 73 ، كما أقامت أكثر من 35 رحلة لقيادة الجيش الثالث وخط بارليف ومصنع الدبابات المصري ومصنع
الطائرات والمدرعات ومصنع 99 الحربي .
كما أن المجموعة 73 مؤرخين تمتلك موقع رسمي من عام 2009 به أكثر من 2000 عنوان ، وقناة خاصة على اليوتيوب بها
أكثر من 850 فيديو بمعدل 38 مليون زائر من مختلف أنحاء دول العالم .
وكذلك أنتجت المجموعة 73 مؤرخين 3 أفلام وثائقية وفيلم درامي بالمجهودات الذاتية وهم :
فيلم أبابيل ، وفيلم أجنحة الغضب 1 ، وفيلم أجنحة الغضب 2 ، والفيلم الدرامي الحربي الكتيبة 418 .
ولمشاهدة الحلقة على اليوتيوب اضغط هنا
أحمد عبد الصبور: حرب أكتوبر كان شعارها ما أُخذّ بالقوة ، لا يسترد إلا بالقوة