دين ومجتمع

أهمية المساجد فى الإسلام “الجزء السابع “

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء السابع مع أهمية المساجد فى الإسلام، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد بدأ ببناء المسجد عندما هاجر إلى المدينة وقدمه على غيره، ثم كان المسجد بعد ذلك محورا لحياة المسلمين، ومجتمعا لهم كل يوم وليلة، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية واصفا المساجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت مواضع الأئمة ومجامع الأمة هي المساجد فإن النبي صلى الله عليه وسلم أسس مسجده المبارك على التقوى ففيه الصلاة والقراءة والذكر وتعليم العلم والخطب، وفيه السياسة وعقد الألوية والرايات وتأمير الأمراء وتعريف العرفاء، وفيه يجتمع المسلمون عنده لما أهمهم من أمر دينهم ودنياهم، وكذلك عماله في مثل مكة والطائف وبلاد اليمن.

وغير ذلك من الأمصار والقرى وكذلك عماله على البوادي فإن لهم مجمعا فيه يصلون وفيه يساسون، وإن دور المسجد في الإسلام لم يقتصر على إقامة الصلاة فقط، بل تعدى هذه الوظيفة الأساسية إلى وظائف أخرى على جانب كبير من الأهمية، وكان له أدوار اجتماعية وتربوية وتعليمية أسهمت في بناء هذه الأمة ونشر ذلك الدين، وكان من هذه الأدوار هو الدور الإيماني والتربوي للمسجد، حيث التربية الروحية، وأنه من المؤكد أن رسالة المسجد في الإسلام تتركز في الدرجة الأولى على التربية الروحية، لما لصلاة الجماعة، وقراءة القرآن الكريم من ثواب عظيم وأجر جزيل، وكذلك التعارف والأخوة الإسلامية، حيث إن التعارف قاعدة من قواعد الآداب الإسلامية.

بل هو ضرورة من ضرورات التعامل بين الناس، فالجار يحتاج إلى جاره، ولا يمكن أن يتعامل معه إلا إذا تعارفا، وكل واحد من الناس قد يحتاج إلى غيره، فكيف يتعامل معه بدون تعارف بينهما؟ والمسجد كفيل بإيجاد تعارف أخوي إيماني لا ينسى، ذلك أن المصلين في الحي الواحد لا يلتقون في المسجد غالبا إلا لأداء صلاة الفريضة، أما إذا كانت تربطهم حلقات الدرس في المسجد فإن لقاءهم يكون أكثر، وكذلك صلاة العيدين والجمعة وغيرها، وكذلك التفقه في الدين والإصلاح بين المتخاصمين حيث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس في المسجد ويسأله أصحابه، ويجيبهم وفتاواه صلى الله عليه وسلم وقضاؤه وإصلاحه بين المتخاصمين أمر مشهور.

وكذلك القضاء على الفواحش وانحسارها في مجتمع المسلمين، فعندما يكون للمسجد مكانته في المجتمع الإسلامي، ولا يتخلف المسلمون عن حضور صلاة الجماعة، يتمكن الإيمان من قلوبهم فيحبون الإيمان ويحبون الله ورسوله، والعمل الصالح، ويكرهون الكفر والفسوق والعصيان، وتنهاهم صلاتهم عن الفحشاء والمنكر والبغي فلا يأتون إلا ما أراده الله منهم شرعا، وقال القرطبي رحمه الله في تفسير قوله تعالى “إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر” أخبر بأن الصلاة تنهى صاحبها وممتثلها عن الفحشاء والمنكر، وذلك لما فيها من تلاوة القرآن المشتمل على الموعظة، والصلاة تشغل كل بدن المصلي، فإذا دخل المصلي في محرابه وخشع وأخبت لربه.

وذكر أنه واقف بين يديه، وأنه مطلع عليه ويراه، صلحت لذلك نفسه وتذللت، وخامرها ارتقاب الله تعالى وظهرت على جوارحه هيبتها، ولم يكد يفتر عن ذلك، حتى تظلله صلاة أخرى يرجع بها إلى أفضل حالة، ولقد بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بتعليم أصحابه في مكة المكرمة في المنازل، وخُصت دار الأرقم بن أبي الأرقم لتجمعهم، ولم يكن المسجد الحرام ينال حظه من التعليم والتزكية لصد المشركين فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وإيذائهم له، فكان يدعو فيه ويصبر على أذاهم، فلما انتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وبنى مسجده الشريف، وبنى حجرات نسائه بجانبه ليكون قريبا منه، فكان صلى الله عليه وسلم ينزل عليه الوحي في المسجد أو في بيته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
مرحباً بكم في الإخبارية عاجل هل ترغب في تلقي إشعارات بآخر الأخبار؟ لا نعم