حوادث

إرتفاع ضحايا الغارات الأميركية يحفز “البنتاجون”

لمراجعة إجراءات حمايتها للمدنيين

أعلنت وزارة الدفاع الأميركية “البنتاجون”، الخميس، إجراء مراجعة واسعة النطاق
بعد دراسة أعدتها مؤسسة “راند” للأبحاث، انتقدت فيها الجيش الأميركي بسبب
ماوصفته بـ “أوجه قصور كبيرة وتضارب في مراجعته بشأن وقوع خسائر في صفوف المدنيين”.

وأصدر وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، الخميس، مذكرة طلب فيها “وضع
خطة بشأن التخفيف من الأضرار المدنية والتخفيف من حدتها وإنشاء مركز لحماية
المدنيين في وقت لاحق من العام الجاري”.

وقال أوستن في توجيه من صفحتين لمسؤولين مدنيين وعسكريين رفيعي المستوى: “يمكننا العمل،
وسنعمل على تحسين جهودنا لحماية المدنيين”، مؤكداً أن “حماية المدنيين الأبرياء في إدارة عملياتنا
تبقى أمراً جوهرياً وحيوياً، لتحقيق أقصى درجات النجاح العملياتي، إلى جانب كونها ضرورة استراتيجية وحتمية أخلاقية”.

وفي مذكرته أمر وزير الدفاع الأميركي بـ”عملية إبلاغ معيارية” عن الأضرار التي تلحق بالمدنيين، وإنشاء “مركز امتياز” عسكري، والانتهاء من صياغة “سياسة جديدة شاملة” بشأن هذه القضية، بعد العمل عليها لمدة سنتين تقريباً.
ولم تفصح المذكرة عما إذا كانت الدعوات التي يتم توجيهها منذ وقت طويل، لإجراء تحقيقات على الأرض بشأن ما إذا كانت الخسائر المدنية، ستصبح جزءاً من عمل المركز.

كما أمهل وزير الدفاع الأميركي، مسؤولي “البنتاجون”، 90 يوماً لتطوير
ما يسمى بـ”خطة العمل للتقليل والاستجابة للأضرار المدنية”، لتنفيذ
توصيات الدراسات التي تم الانتهاء منها بتكليف من الكونجرس، بما في ذلك
الدارسة التي أجرتها “راند”، وتحقيق المفتش العام في الغارات التي تم تنفيذها
بالطائرات المسيرة على أفغانستان وسوريا.

وفي غضون 180 يوماً من طرح المذكرة، سيتم العمل من قبل الشخص المكلف على دمج خطط السياسة، وفي هذا السياق، قال أوستن: “ستتبنى مقاربة شاملة، ما يعزز حقيقة أن جهود وزارة الدفاع لحماية المدنيين تمثل مسؤولية تقع طوال الوقت على عاتق جميع القادة في جميع أفرع وأقسام الوزارة، وليس فقط قادتنا وأفرادنا في الميدان”.
وعلى الرغم من أن المذكرة تتسم بالشح فيما يتعلق بالتفاصيل، قال شخص مطلع على المداولات، حسبما نقلت صحيفة “نيويورك تايمز”، إن التغييرات لا تقتصر فقط على مناطق الحرب وضربات مكافحة الإرهاب باستخدام المسيرات وغيرها من الأسلحة، التي أدت إلى الكثير من حالات قتل المدنيين في السنوات الأخيرة.

ولم تفصح المذكرة عن هوية المشرف على هذه الجهود، لكن شخصاً مطلعاً على الأمر،
قال إنه تم إسناد المهمة إلى كريستوفر ماير، مساعد وزير الدفاع للعمليات
الخاصة والصراعات منخفضة الحدة.

وذكر بعض المراقبين أن قرار إسناد هذه المهمة إلى رجل ذي خلفية عملياتية
بدلاً من مسؤولين في البنتاجون معنيين بالأساس بالقضايا الإنسانية
يمثل انعكاساً لعزم أوستن على أن يحمل المقاتلون الميدانيون على محمل الجد
الأفكار التي تنبثق عن هذه الجهود الجديدة للحد من الأضرار المدنية.

يأتي توجيه أوستن أيضاً في أعقاب قرار الكونجرس بفرض قيود
على بعض الأموال العسكرية حتى يقدم “البنتاجون” هذه السياسة الجديدة
إذ لفت مسؤولون عسكريون إلى أن توجّهات أوستن تهدف إلى “تغيير طريقة
تفكير القادة الميدانيين بشأن وظائفهم، وتعزيز ثقافة يرون فيها
أن منع الإضرار بالمدنيين جزءاً جوهرياً من مهماتهم”.

دراسة “راند

وخلصت الدراسة التي أجرتها مؤسسة “راند” بناء على تشريع صادر عن الكونجرس، إلى أن “أوجه القصور المنهجية في وزارة الدفاع تسببت في تقصيرها في أداء واجباتها، فيما يتعلق بالضحايا المدنيين”.
وقالت الدراسة إن وزارة الدفاع “ليست منظمة أو مدربة أو مجهزة بشكل ملائم للوفاء بمسؤولياتها الحالية، لمعالجة الضرر الذي يلحق بالمدنيين”، مشيرة إلى أن التحقيق في الخسائر المدنية غالباً ما
يقع على عاتق أفراد مبتدئين “لا يتلقون تدريباً رسمياً”.

ووجدت الدراسة “نقاط ضعف كثيرة” في مقاربة الجيش لتقييم الوفيات والإصابات في صفوف المدنيين الأبرياء، وعلى الأخص أوجه القصور في تنفيذ التحقيقات وتحديد الأسباب الجذرية أو الدروس المستفادة التي يمكن أن تسمح للجيش بمنع الإضرار بالمدنيين على نحو أفضل.

تأتي هذه الخطوة بعد سلسلة من التحقيقات أجرتها “نيويورك تايمز” حول ضربات جوية أميركية أدت إلى مقتل مدنيين، بما في ذلك ضربة جوية أُجريت في عام 2019 في سوريا وأدت إلى مقتل عشرات النساء والأطفال، وضربة أخرى استهدفت العاصمة الأفغانية كابول راح ضحيتها 10 أشخاص في أغسطس الماضي.
وكشف تحقيق آخر لـ “نيويورك تايمز”، مستنداً إلى مجموعة من المراجعات التي أجراها “البنتاجون”، “إخفاقات منهجية” في حماية المدنيين من ضربات جوية استهدفت تنظيم”داعش”.

وأظهر التحقيق الذي أجرته الصحيفة استناداً إلى التقييمات السرية للجيش لأكثر من 1300 تقرير عن خسائر مدنية، وتقارير ميدانية في أكثر من 100 موقع شهدت إصابات لمدنيين أن الحملة الجوية ضد “داعش”
اتسمت بخلل في المعلومات الاستخباراتية وانحيازات ومحاسبية هشة.

وفي الغارة التي استهدفت كابول، أثناء الانسحاب الأميركي من أفغانستان في أغسطس الماضي، تبين أن كل ما زعمه كبار مسؤولي “البنتاجون” في الساعات والأيام والأسابيع التي أعقبت الهجوم كانت محض أخطاء.

فبعد أسبوع من التحقيق بالفيديو الذي أجرته “نيويورك تايمز”، والذي أظهر أن قائد السيارة هو عامل إغاثة، اعترف البنتاجون بأن الضربة الجوية كانت “خطأً مأساوياً”، وأن أحداً من مقاتلي تنظيم “خراسان” التابع لـ “داعش”، قُتل.

وألقى التحقيق الخاص بغارة كابول، والذي أجراه المفتش العام للقوات الجوية، الجنرال سامي سعيد، باللائمة على “الانحياز التأكيدي” الذي تمخض عن التأويل المشوه من قبل المشغليين لما كانوا يرونه.
إرتفاع ضحايا الغارات الأميركية يحفز “البنتاجون”
إرتفاع ضحايا الغارات الأميركية يحفز “البنتاجون”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
مرحباً بكم في الإخبارية عاجل هل ترغب في تلقي إشعارات بآخر الأخبار؟ لا نعم