بقلم الدكتور جمال الشافعى
تغطية إعلامية امل كمال
القصة كاملة
وهو حلم فهل يصبح حقيقة ؟ الآن يوجد تنافس بين شركتين فى أمريكا تسابقان الزمن …
وسابقا كان هذا الأمل بعيدا أما الآن فربما في غضون ٣-٥ سنوات على أقصى تقدير سيُعلن فى أمريكا
عن الانتصار النهائي على مرض السكر من النوع الأول كما يقول بعض العلماء هناك ومنهم الأستاذ
الدكتور أسامة حمدى وهو يعمل فى جامعة هارفارد ومن علماء السكر…
وربما ينتصر العلم مرة ثانية بعد مائة عام من اكتشاف هرمون الانسولين وانتاجه..
يعود جزء كبير من الفضل الى جامعة هارفارد و د. ميلتون الذي وهب نفسه لهذا الغرض
منذ أن أصيب ابنه وعمره سته أشهر بالسكر من النوع الاول في سنة ١٩٩٠ فتحول من باحث
في مجال تطور الخلايا العصبية الى باحث في تطور خلايا البنكرياس…
وكان هناك 3 مشاكل تواجهه في علاج هذا النوع من السكر وهى :
1- كيف يستطيع الحصول على عدد كافي من خلايا البنكرياس المُفرِزه للانسولين؟
فالحصول عليها من بنكرياس المتوفين حديثًا أو من الاجنة أثبت محدوديته الشديدة والحاجة الماسة
لكمية أكبر من الخلايا لاستمرار الشفاء لمدة طويلة وليست عام واحد فى بعض الأبحاث..
2- كيف يحافظ على هذه الخلايا بعد الحصول عليها ويحميها من مهاجمة الاجسام المناعية
التي سبق لها من قبل تدمير خلايا البنكرياس التي تفرز الانسولين وكانت سببًا لهذا النوع من السكر؟
فمازالت الاجسام المناعية كامنة في دم المريض.. واعطاء المريض ادوية مثبطة للمناعة يسبب مشاكل كثيرة ..
3- كيف يمد هذه الخلايا بعد زراعتها بالتغذية والاكسجين لتعيش لأطول من سنة.. ومكان زراعتها فى الجسم ……؟؟؟
استطاع ميلتون في ٢٠١٤ أن يحل المشكلة الأولى حيث فك شفرة تحويل خلايا الجسم العادية كخلايا الجلد
الى خلايا البنكرياس التي تفرز الانسولين وانتاج كمية كبيرة من الخلايا بهذه الطريقة تكفي للشفاء
وهو انجاز غير مسبوق..وتم الاحتفال بميلتون في بوسطن على هذا الانجاز الرائع في حفل نظمة مركز جوزلين..
وفي ٢٠١٩ اشترت شركة فيرتكس Vertex في بوسطن الشركة التي اسسها ميلتون مع براءة اختراعه بمبلغ 980 مليون دولار
فالابحاث الناجحة لا تقدر بثمن .. وعلى الطرف الآخر توصلت شركة أخرى تسمى ڤياسيت ViaCyte بسان دييجو بولاية كاليفورنيا
في سنة 2000 — أى منذ 20 عاما ولم يتم الانتهاء حتى الآن– إلى اكتشاف طريقة جديدة تحول بها الخلايا الجزعية
الى خلايا أخرى عند زراعتها تتحول الى خلايا للبنكرياس pancreatic progenitor cells.
وامكن بهذه الطريقة انتاج تريليون من الخلايا المفرزة للانسولين بسهولة. لذا فقد حُلت المشكلة الاولى والكبيرة بامتياز
وإن كان لكل طريقة مزاياها…
استمرت المنافسة بين الشركتين لحل المشكلة الثانية وهى حماية خلايا البنكرياس المُخلقة من مهاجمة الاجسام المضادة..
شركة فيرتكس قررت زرع الخلايا مباشرة في الوريد البابي للكبد ومن ثم العلاج بالادوية المثبطة للمناعة حتى لا يلفظهم الجسم..
ولقد وافقت هيئة الغذاء والدواء الامريكية في مارس الماضي على منح الاولوية القصوى لبروتوكول الشركة للدراسة الإكلينيكية
على 17 مريض بالسكر من النوع الاول.. وحيث أن هذة الطريقة قد نجحت من قبل مع الخلايا المنزوعة من بنكرياس المتوفين
حديثًا وباستخدام بروتوكول مبتكر لادوية تثبيط المناعة صممته جامعة ادمنتون في كندا فنجاح التجربة أصبح
في حكم المؤكد لو سارت الأمور كما هو مخطط لها ولكن ربما سيحتاج المريض لإعادة حقن الخلايا سنويًا
وهو ما تعتقد الشركة انه ممكن حيث بإمكانها الآن انتاج عدد ضخم من هذه الخلايا بلا عائق كبير..
في المقابل قررت شركة ڤياسيت أن تحفظ الخلايا في جهاز صغير بحجم كارت الإئتمان وبه ثقوب تنمو فيها الشعيرات
الدموية لتغذي الخلايا بالاكسجين والغذاء لتنمو وتعيش لأطول فترة ممكنه ولكن يجب معها أيضا إعطاء الادوية المثبطة للمناعة
لأن الاجسام المناعية تدخل أيضًا من هذه الثقوب.. انتجت الشركة هذا الغلاف في ٢٠١٤ ونجحت بالفعل التجارب في المرحلة الاولى
ودخلت في المرحلة الثانية لتحتدم المنافسة بين الشركتين.. الأولي تقول الآن انها ستستطيع في المستقبل
انتاج خلايا تتجنب الجهاز المناعى وتقاومة لتستغنى عن الادوية المثبطة للمناعة تماما لذا اسمتها الخلايا السوبر Super Cells
مع تطوير جيني يسمح بقتل هذه الخلايا اذا نمت بصورة كبيرة خارج نطاق السيطرة..
والشركة الثانية بدأت تعمل على تطوير غلاف جديد للخلايا ليس به فتحات ولكن يسمح بإنتشار الشعيرات الدموية
حوله للتغذية ويسمح بمرور السكر من الدم الى الخلايا ومرور الانسولين من الخلايا الى الدم ويحجز فقط الاجسام المناعية
عن المرور للخلايا الجديدة داخل الجهاز.. وكلا الشركتان تعملان الآن وبهمة شديدة
على تطوير غلاف ميكرو صغير من الجيل microgel يحيط بكل خلية بنكرياسية ويحميها وهى فكرة عبقرية لو نجحت…
بقيت المشكلة الثالثة وهى أين تُزرع الخلايا الجديدة؟ وكيف نحميها ونغذيها لتعيش؟ شركة فيرتكس ترى ان زراعتها
في الكبد هو أسلم طريقة فقد جُربَّت من قبل في حين ترى شركة ڤياسيت انه يمكن تجهيز جيب صغير تحت الجلد
اوفي الغشاء الدهني المتصل بالامعاء omentum لحفظها حيث أن الشعيرات الدموية والتغذية تتوافر
فيهما بشكل أفضل من أى مكان آخر في الجسم.. وأصبحت الشركتان في الحقيقة قاب قوسين
أوادنى من النجاح باستثمار مليارات الدولارات على الابحاث.. حيث أن البحث العلمي هو قاطرة تقدم الأمم..
وكما ترون فإن الموضوع ليس سهلا……
وقد انتشر في مصر القول بأن بلاد كالهند وألمانيا والصين تقوم الآن بالعلاج بالخلايا الجزعية بتكلفة باهظة
وهذا نوع من النصب العلمي الدولي يقع فيه اليائس من العلاج والمتعجل.. أما ماذكرته الآن حول هذا الموضوع
فهو العلاج الحقيقي وربما النهائي بالخلايا الجزعية للنوع الأول للسكر وكما يقال أنه لن يستغرق سوي ٣-٥ سنوات
على أقصى تقدير.. بالطبع ستكون التكلفة باهظة جدًا في البداية حيث ضخت الشركتان مليارات الدولارات للصرف
على أبحاثهما حتى الآن ولكن التكلفة ستتناقص بالتأكيد مع مرور الوقت….
أنا متأكد أن العلم سينتصر حتما فى النهاية ليسعد البشرية…. وأتمنى أن نلحق نحن بركابه بعد أن اتسعت الهوة تماما بيننا وبينهم ………
مع تمنياتى للجميع بالصحة والعافية.
مرتبط