دين ومجتمع

الاستقرار الأسري مطلب شرعي ووطني وإنساني

متابعة/ نورا علي

 

في إطار حرص وزارة الأوقاف التنويري والتثقيفي، وغرس القيم الإيمانية والوطنية الصحيحة ، قام معالي الدكتور/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف خطبة الجمعة اليوم اليوم بمسجد “محمد علي” بالقلعة محافظة القاهرة ، بحضور عدد من وفود من الدول المشاركة في فعاليات المؤتمر الثاني والثلاثين للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، ووفد من الأئمة المشاركين في الدورة التدريبية المشتركة لأئمة دولة فلسطين الشقيقة بأكاديمة الأوقاف الدولية لتدريب وتأهيل الأئمة والواعظات،مع مراعاة الإجراءات الوقائية والتباعد الاجتماعي.

 

تحدث معالى الوزير على استقرار الأسرة حيث أشار إلى انه مطلب شرعي ووطني وإنساني،حيث جاء فى قوله تعالي: “وَمِنْ ءَايَتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَجًا لِّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا”

وهذا ليس للرجال فحسب بل للرجال والنساء على حد سواء، حيث جعل من التكافؤ اللغوي نظيرًا للتكافؤ المعنوي بين الرجل والمرأة، فالرجل شريك المرأة والمرأة شريك الرجل حيث يقول الحق سبحانه : “وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ” ، ويقول سبحانه: “هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ” ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (أَلَا إِنَّ لَكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ حَقًّا وَلِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقًّا) فهي عملية متكافئة للحقوق والواجبات ، وليس مدار الأمر على الذكورة أو الأنوثة ، حيث يقول سبحانه: “إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ” ، وهكذا وضع الإسلام هذه المعايير لتسير الحياة على نسق منتظم فيقول سبحانه: “وَمِنْ ءَايَتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَجًا لِّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا” فالسكون من السكينة والهدوء والطمأنينة ، ويقول الحكماء في معنى قوله تعالى: “وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً” وقد قالوا : صحبة عشرين يومًا قرابة ، فكأن من صاحبك عشرين يومًا صار قريبًا لك ، فما بالنا بعشرة الرجل لزوجته وعشرة المرأة لزوجها حياة كاملة ، ألا يدفعنا ذلك لأن نجعل الود حكمًا بين الزوجين ، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): “خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ” فوجب علينا اتباع هدي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فكما كان خير الناس لأهله وزوجاته وأبنائه وأصحابه ، وجب علينا أن نقتدى به ، ويقول (صلى الله عليه وسلم): “دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ في سبيلِ اللَّه، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ في رقَبَةٍ، ودِينَارٌ تصدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ علَى أَهْلِكَ، أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذي أَنْفَقْتَهُ علَى أَهْلِكَ” ، ويقول (صلى الله عليه وسلم): “وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجهَ اللَّه إلاَّ أُجِرْتَ بِهَا حَتَّى مَا تَجْعلُ في فيِّ امرأَتِكَ” ، وهذا يدل على سعة باب الود والتراحم بين الزوجين، وإذا لم يمتثل الزوج لهذه الوصايا فقد وقع في قوله (صلى الله عليه وسلم): “كفى بالمرء إِثما أن يُضَيِّع مَن يقوتُ”، وإذا كنا مأمورين بعدم المن عند الصدقة فنحن مأمرون من باب أولى بعدم المن بالنفقة على الأهل حتى لو كانوا مرضى أو ضعفاء، يقول (صلى الله عليه وسلم): “هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ” ، وفي المقابل إن وقع الزوج في عسرة أو شيء من الفقر وجب على الزوجة أن تصبر وأن تعينه على ذلك ، وأن تقتدي بأم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها وأرضاها) حيث قالت : “إنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إلى الهِلَالِ، ثُمَّ الهِلَالِ، ثَلَاثَةَ أهِلَّةٍ في شَهْرَيْنِ؛ وما أُوقِدَتْ في أبْيَاتِ رَسولِ اللَّهِ (صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ) نَارٌ وكنا نعيش على الأسْوَدَينِ: التَّمْرُ والمَاءُ” ولم تقل هذا على سبيل التشكي وإنما على سبيل البيان ، وعلى الزوجة أن تحتسب وقت الشدة والعسرة ، ولنعلم أن الدنيا لا تدوم على حال ، يقول الشاعر:

لِكُلِّ شَيْءٍ إِذَا مَا تَمَّ نُقْصَانُ

فَلَا يُغَرَّ بِطِيبِ العَيْشِ إنْسَانُ

هِيَ الأمُورُ كَمَا شَاهَدْتُهَا دُوَلٌ

مَنْ سَرَّهُ زَمَنٌ سَاءتْهُ أزْمَانُ

فعلينا أن نطبق وصايا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ففيها كل الخير حيث يقول (صلى الله عليه وسلم): “عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ، إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وليسَ ذاكَ لأَحَدٍ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إنْ أصابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكانَ خَيْرًا له، وإنْ أصابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكانَ خَيْرًا له”.

 

كما أكد سيادته على أن الزواج ميثاق غليظ، والميثاق الغليظ جاء في ثلاثة مواضع فقط، الأول: في التبليغ والدعوة يقول سبحانه: “وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا” ، والثاني: العهد والميثاق على بني إسرائيل ، حيث يقول سبحانه: “وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا” ، والثالث: عن العشرة والصحبة وإكرام المرأة ، حيث يقول سبحانه: “وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا” ، وفي هذا يقول الحق سبحانه أيضًا: “وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا” ، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): “(لا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إنْ كَرِهَ منها خُلُقًا رَضِيَ منها آخَرَ” ، ويقول سبحانه: “وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ” ، فعلى الزوجة أن لا تنسى المودة والمعروف الذي قدم لها زوجها يوما ما، وعلى الزوج أن لا ينسى الفضل والمودة الذي قدمته له زوجته يوما ما ، وإذا كان الله أمرنا أن نقول الكلمة الحسنة للناس جميعًا حيث يقول سبحانه: “وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً” وأولى الناس بالكلمة الطيبة الزوج لزوجه والزوجة لزوجها ، ومن لا خير فيه لأهله لا خير فيه ، وعلينا أن نتذكر ساعة الشقاق أن الشيطان هو من يفرح بهذا الشقاق ، يقول (صلى الله عليه وسلم): “إنَّ إبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ علَى الماءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَراياهُ، فأدْناهُمْ منه مَنْزِلَةً أعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أحَدُهُمْ فيَقولُ: فَعَلْتُ كَذا وكَذا، فيَقولُ: ما صَنَعْتَ شيئًا، قالَ ثُمَّ يَجِيءُ أحَدُهُمْ فيَقولُ: ما تَرَكْتُهُ حتَّى فَرَّقْتُ بيْنَهُ وبيْنَ امْرَأَتِهِ، قالَ: فيُدْنِيهِ منه ويقولُ: نِعْمَ أنْتَ.” ، فإذا أتتك ساعة الغضب استغفر الله لأن ما يترتب على هذا الشقاق هو الطلاق وفيه شتات الأبناء والأحفاد مما يؤثر على الأسرة والمجتمع بأسره.

وفى النهاية من لا خير فيه لأهله لا خير فيه

والطلاق شتات للأبناء والأحفاد وتدمير للأسرة والمجتمع فعلينا جميعا أن نسعي على عدم انتشاره بين المجتمعات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
مرحباً بكم في الإخبارية عاجل هل ترغب في تلقي إشعارات بآخر الأخبار؟ لا نعم