منوعات

الجنة تحت قدميها …

متابعة : قمر غالي

 

يتزامن اليوم 21 مارس مع الإحتفال بعيد الأم، و هو بداية فصل الربيع حيث تم إختيار هذا الموعد ليتماشي مع فصل العطاء والصفاء والخير، وكان أول إحتفال بعيد الأم في 21 مارس سنة 1956م..

 

وترجع قصة إختيار يوم 21 مارس فى مصر إلى الصحفي الراحل علي أمين و أخيه مصطفي امين – مؤسسي جريدة أخبار اليوم حيث كتب علي أمين في زاويته الصحفية اليومية”فكرة“ دعا فيها إلى تخصيص يوم للإحتفال بالأم وفي 9/ 12 /1955 على إثر زيارة قامت بها إحدى الأمهات للراحل مصطفى أمين في مكتبه وقصت عليه قصتها وكيف أنها ترمَّلت وأولادها صغار، ولم تتزوج، وكرست حياتها من أجل أولادها، وظلت ترعاهم حتى تخرجوا في الجامعة، وتزوجوا، وإستقلوا بحياتهم، وأنصرفوا عنها تماماً ، حيث قال: لم لا نتفق علي يوم من أيام السنة نطلق عليه”يوم الأم“ ونجعله عيداََ في بلادنا وبلاد الشرق..

 

وهكذا خرجت الفكرة من مصر إلى بلاد الشرق الأوســط الأخرى ، حيث يختلف موعد الأحتفال بعيد الأم من دولة لأخرى .

 

و لم يكن هذا اليوم هو بداية تكريم الأم ،، بل إن جميع الأمم حرصت منذ نشأة البشرية على تكريم الأم لما لها من دور عظيم في المجتمع، فهي «نصف المجتمع» وهي التي تلد النصف الآخر وتربيه فهي بذلك المجتمع كله …

 

لذا فليس غريبًا أبدّا أن الله تعالى جعل رضاه مقرونًا برضى الأم، وجعلها الأولى في الرعاية والعناية والبرّ، حتى أكثر من الأب، وقد ذكر الله تعالى ذلك في الكثير من آيات القرآن الكريم، كما ذكره الرسول -عليه الصلاة والسلام- في الأحاديث النبوية الشريفة.

 

حيث كرم الله( عز وجل ) الأم في كتابه الكريم ، بل وجعل الجنة تحت قدميها،و جعل طاعة الأم ورضاها مفتاحًا من مفاتيح الجنة، ومعصيتها وعقّوقها إحدى كبائر الذنوب المهلكة .

 

فوردت الكثير من الآيات القرآنية التى تحث على بر الوالدين، فقد جعل الله تعالى بر الوالدين وخاصة الأم مقرونا بالإيمان به سبحانه فى كتابه العزيز ومن هذه الآيات التى وردت …

قول الله تعالى:

«وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلًا مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ» (البقرة: 83).

 

كما أكد القرآن الكريم على عظم المعاناة آلتي تحملتها الأم في الحمل والولادة والتربية، و آلتي وضحت في …

قول الله تعالى:

«وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ* (لقمان: 14-15)

 

و كان لعرض القرآن الكريم صورة من بر سيدنا عيسي -عليه السلام- بأمه السيدة مريم،ابلغ الأثر في بيان اهمية البر بالام ، كما في …

قول الله تعالى:

«قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا* وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا* وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا» (مريم: 30-32)،

 

فلرضا الوالدين على أبنائهما أهمية بالغة ، فهو من حسن إسلام العبد ، و يدل على كمال الإيمان ، وبه يرتفع ذكره في الحياة الدنيا والآخرة كما يعدّ من أسباب تفريج الهموم والكروب، وكشف الابتلاءات ،و نيل البركة في العمر، والسعة في الرزق .٠

 

و كذلك أوصانا رسول الله صلي الله عليه و سلم ، بأهمية الأم ، و أهمية طاعتها و طاعة الوالدين ، في الكثير من أحاديثه النبوية التى تحث على بر الوالدين و طاعتهما ، و تنهي و تحذر من عقوقهما …

 

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ: «آمِينَ آمِينَ آمِينَ» قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ حِينَ صَعِدْتَ الْمِنْبَرَ قُلْتَ: آمِينَ آمِينَ آمِينَ، قَالَ:

«إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي، فَقَالَ: مَنْ أَدْرَكَ شَهْرَ رَمَضَانَ وَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ، وَمَنْ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا فَلَمْ يَبَرَّهُمَا، فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ، وَمَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ».

 

ويفتح عقوق الوالدين على المرء أبواب جهنم، فعاقّ الوالدين لا يَسلَمُ من إنتزاع البركة من عمره وحياته، وقلّة الرزق، وعدم إستجابة دعائه، وحرمانه من رفع أعماله إلى السماء، وهو مخلوف بعقوق أبنائه وذريّته من بعد عقوقه لوالديه.

 

فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصْبِحُ وَوَالِدَاهُ عَنْهُ رَاضِيَانِ، إِلَّا كَانَ لَهُ بَابَانِ مِنَ الْجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا فَوَاحِدٌ، وَمَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصْبِحُ وَوَالِدَاهُ عَلَيْهِ سَاخِطَانِ، إِلَّا كَانَ لَهُ بَابَانِ مِنَ النَّارِ، وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا فَوَاحِدٌ».

 

والأم هي الروح آلتي ترفرف حول أبنائها في كلّ لحظة، لتمنحهم الحب والحنان، وهي السكينة آلتي تنزل على القلب فتجعل فيه نورًا دائمًا، و هى أعظم و أغلى من أن تصفها الكلمات والعبارات، و أن تُختصر في بضعة أحرف ، فالأمومة شيءٌ فطري أودعه الله تعالى في المرأة، فتبدأ بحبّ أبنائها بمجرد أن بدأ نبضهم في رحمها، وقبل أن تراهم .

 

ولذلك لم يكن من الغريب ، علي الشعراء إفرادهم لها القصائد و الأشعار آلتي تتغني بعظمها و عظم مكانتها ، و قد أختصر الشاعر المصري العظيم حافظ إبراهيم أهمية الام بالمجتمع في بيت شعر هو من أروع ما كتب … إذ قال :

 

الام مدرسة إذا أعدتها ، اعدت شعبا طيب الاعراق …

 

فتتعاظم أهمية الأم علي جميع المستويات ، فإذا ما صلحت الأم صلحت البشرية جمعاء، فهي نواة المجتمع و العنصر الأهم في بناء المجتمعات والحضارات .

 

و مهما أفردنا من صفحات و مقالات و كتب عن فضل الأم فلن نوفيها حقها ، إلا أننا نبتغي ان نعبر عن عظم مكانتها فى قلوبنا ، داعين الله عز و جل أن تعي الأجيال القادمة أهميتها و أهمية بر الوالدين ، فهو الطريق لرضاء الله سبحانه و تعالى ، و صلاح حياتنا و أخرتنا و برضاء الله تصلح الدنيا و ما فيها …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
مرحباً بكم في الإخبارية عاجل هل ترغب في تلقي إشعارات بآخر الأخبار؟ لا نعم