إعداد / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء السابع مع وإن جنحوا للسلم، وإن لم تستطع أن تكون كالصحابة والتابعين في أقدامهم وشجاعتهم فلا أقل من أن تكون منتصرا على نفسك
مسيطرا عليها، فكم من إنسان تغلبه نفسه وتتحكم به شهواته، فما أن يظهر على الساحة أي معصية أو فتنة حديثة إلا وانجرف وراءها، فماذا عساك أن تنتظر
من هؤلاء وهم لم ينتصروا على أنفسهم التي بين جنباتهم، فاللهم أيقظنا من سبات الغفلات، وتقسم آثار الحروب وانعدام السلم على البيئة إلى قسمين، وهما آثار
مباشرة كالتلوث البيئي الناجم من قصف مدفعي لمواقع صناعية، والتّدمير المتعمد للموارد الطبيعية، والمخلفات العسكرية وحطام البنى التحتية المستهدفة،
وهناك آثار غير مباشرة.
كالآثار البيئية التي يتركها النازحون خلفهم من خراب وملوثات، وانهيار المنظومة الإدارية المخططة للحفاظ على البيئة، وانشغال الناس والحكومات بعد
الحروب بالإيواء والإطعام والإعمار، فيذهب التمويل كله لهذه الغايات، وينعدم التمويل لحماية البيئة، السلام يحمي الإنسان من المرض يتسبب انعدام السلم
والأمن بعدد من الاضطرابات والأمراض النفسية للأفراد، وقد تجر هذه الأمراض النفسية أمراضا جسمانية فتتفشى بين كثير من الناس، وهذا ما ظهر جليا
وحدث للشعوب المشاركة في الحربين العالميتين الأولى والثانية، فصارت أعداد المصابين بالاكتئاب والهستيريا والفوبيا والفصام والقلق وأمراض القلب
والمعدة في تزايد، ومن خلال السلام يمكن للإنسان.
بث أفكاره التي من الممكن أنها اندثرت خلال الحروب بالعنف والتدمير، أو على الأقل تم تشويهها، لهذا فإن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى
الرغم من صعوبة الشروط التي اشترطها الكفار على المسلمين في صلح الحديبية إلا أنه قبل بها في مقابل الإبقاء على الهدنة عشر سنوات بين المسلمين
وكفار مكه، وإن السلام يمكن الشعوب من التعلم، واكتساب ونشر الثقافة، وبناء الحضارات، والنهوض بالدولة اقتصاديا واجتماعيا فالبناء لا يكون إلا في
أوقات السلم والأمن، وإن السلام يجعل الناس على وعي كافى لخطر الدخول في الحروب والانشغال بها وبمتطلباتها وتأثيرها عليهم، والتي ستكلفهم حياتهم
مقابل هذه الغطرسة البشرية.
وأن السلام هو الذي يصدّع الطريق أمام تجار الحروب الذين سيكون من مصلحتهم افتعال الحروب وإشعالها، والذين يرغبون بدوامها لوقت طويل لأجل زيادة
أرباحهم من الأسلحة والذخائر، وبالتالي زيادة أرباحهم وطمعهم، وإن الحروب تقدم أسوأ ما في الإنسان، وتقويه لصالح الشر ودمار البشرية، والسلام يقدم
أفضل ما بداخله، وإن السلام بيئة مشجعة للإبداع ووسائله، فهو الذي يحفز الناس على الإبداع وزيادة الجمال والإنتاج، على عكس الحروب التي تنتج الدمار
والخراب والفساد، وأن السلام ينقل الإنسان إلى آفاق سماوية روحانية عالية، إذ يشجع على انتشار الروحانيات والسكينة ويشيعها بين الشعوب، وأن السلام
يقرب بين الناس.
ويجمعهم على المحبة والتعايش، والحروب تفرقهم وتقطع نسلهم وتبيدهم، وأن السلام يرفع الإنسانية إلى مستوى الوجود الاجتماعي المتحضر، في حين تقود
الحروب الشعوب نحو الانزلاق صوب الهمجية، وأما عن أحكام هذه التحية العظيمة، والتي يجب علينا أن ننشرها وتفشو فينا، السلام عليكم ورحمة الله
وبركاته، ما أزكاها من كلمات، وما أحسنها من بركات، قصّر فيها كثير من الناس، واستبدلوها بغيرها، فعليك أن تلقى السلام على من عرفت ومن لم تعرف،
ما دامت هناك علامات على إسلامه وإيمانه، فإلقاء السلام علامة على الإسلام، فعن أبى هريرة رضى الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “
إن للإسلام صوى” أى علامات، “ومنار كمنار الطريق”
الدكرورى يكتب عن وإن جنحوا للسلم ” الجزء السابع ”