كتب-شيرين رفعت
أصبحت لغة التكتلات الاقتصادية العالمية هي المتحدث الرسمي أمام دول العالم لإقناع الشعوب بما يريده القادة
من اجندات استراتيجية وتنموية مختلفة ،
كما أصبحت لغة المصالح الاقتصادية بين الدول هى من يرسم السياسات والخطط للشعوب في تعاملاتها الدولية ،
وبعد أن كانت دول بعينها تقف أمام القوى الدولية ليخطط لها مستقبلها ( فهي المفعول به حسب قواعد اللغة العربية ) ،
أصبحت تلك الدول هى من يخطط ويوجه بعد أن فطنت لأهمية دورها على الساحة العالمية ( لتصبح الفاعل بعد أن كانت المفعول به سابقا ) ،
بل وأصبحت بقراراتها توجه العالم وتؤثر فيه ، وكأن الدول تنتظر مرتقبة خطواتها حتى تدرسها وتدرسها لشعوبها .
فبعد أن توقع الخبراء بتباطؤ نمو الاقتصاد الأمريكي والصيني والألماني في 2022،
نجد أن البنوك المركزية العالمية تحاول رسم مسار للحد من التضخم دون عرقلة معدلات النمو،
تزامنًا مع محاولاتها للتوقف عن الاستمرار في تطبيق الإجراءات التي تم اتخاذها لمواجهة الجائحة، مثل خفض أسعار الفائدة وشراء السندات بمستويات ضخمة.
وقد ارتفع مؤشر أسعار المستهلك في الولايات المتحدة الأمريكية على مدار عام 2020،
بما تسبب في ارتفاع الأسعار ونقص المواد الخام والعمالة وحدوث اضطرابات في سلاسل التوريد العالمية، والمتوقع استمرارها حتى عام 2022.
ومن المُرجَّح أن يتباطأ النمو في الصين إلى معدل سنوي يبلغ 3% أو 4% خلال الأشهر القليلة القادمة،
حيث يعاني الاقتصاد من نقص الطاقة، والمواد، والسيطرة الحكومية على الصناعات الرئيسة، وهو تباطؤ سيكون الأكبر والأطول من نوعه منذ 10 سنوات منقضية في تاريخ الصين.
اتصالًا، من المتوقع أيضًا أن يتباطأ الاقتصاد الألماني خلال الأشهر المقبلة حيث تؤثر اختناقات العرض بشكل كبير على قطاع التصنيع الأكبر في البلاد، لا سيّما في صناعة السيارات.
من ناحيتها أشارت تقديرات أولية من الحكومة السعودية إلى نمو الاقتصاد السعودي بأسرع وتيرة له،
منذ ما يقرب من عقد من الزمان، في الربع الثالث من العام الحالي، مدعومًا بارتفاع أسعار النفط.
وأفادت “الهيئة العامة للإحصاء” مؤخرا بأنَّ الناتج المحلي الإجمالي قد نما بنسبة 6.8٪، مقارنة بالربع نفسه من عام 2020،
في أسرع وتيرة له منذ 2012؛ حيث بلغ متوسط أسعار النفط 122 دولارًا أمريكيًا للبرميل، كما نما الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5.8٪ مقارنة بالأشهر الثلاثة السابقة.
وفي الوقت نفسه، نما قطاع النفط بنسبة 9٪ على أساس سنوي، في حين توسع الاقتصاد غير النفطي بنسبة 6.2٪،
كما نما بنسبة 1.6 ٪ مقارنة بالربع السابق من العام، عندما كان أداء النشاط غير النفطي أسوأ من المتوقع.
ومن الجدير بالذكر أنَّ الاقتصاد السعودي كان قد انكمش بنسبة 4.1٪ خلال العام الماضي، بسبب جائحة “كوفيد-19″،
واضطراب سوق النفط، لكنه انتعش بسرعة مع انتهاء قيود الوباء وارتفاع الطلب العالمي على الطاقة.
ومن ناحية أخرى فقد تقدَّم “صندوق الثروة السعودي” والذي تبلغ قيمته 450 مليار دولار، بطلب للسلطات الصينية؛ للحصول على ترخيص “مستثمر مؤسسي أجنبي مؤهل”،
بحسب معلومات منشورة على الموقع الإلكتروني لأكبر منظم للأوراق المالية في البلاد،
وسيمنح الترخيص الصندوق القدرة على تداول الأسهم المقومة بعملة “الرنمينبي” مباشرة، بدلًا من الاضطرار إلى العمل عبر أطراف ثالثة.
ويُعد التوجُّه نحو الصين منطقيًا بالنسبة للمملكة التي تتطلع إلى تطوير العلاقات الاقتصادية عبر الاستثمار من قبل صندوقها السيادي؛
حيث تعتبر الصين أكبر شريك تجاري للمملكة، وأكبر عميل لشركة “أرامكو” السعودية.
كما أن صندوق الاستثمارات العامة السعودي، الذي لم يكشف عن أي استثمارات في الصين،
لديه طموحات للسيطرة على ما قيمته تريليوني دولار من الأصول، وأن يصبح قوة استثمارية عالمية.
ومن هنا فقد أصبحت لغة المصالح الاقتصادية والأهداف الاستراتيجية هي المتحدث الرسمي الوحيد أمام دول العالم وشعوبها .
مرتبط
زر الذهاب إلى الأعلى
مرحباً بكم في الإخبارية عاجل
هل ترغب في تلقي إشعارات بآخر الأخبار؟
لا
نعم