متابعة : سوزان مصطفى
أكثر الناس فهمًا للحياة.. من يتقبلها كما هى، هو أيضا أوفرنا حظًا وأكثرنا تمتعا بنعمة الرضا التى تجلب للنفس الأمان حتى فى زمن الخوف الذى نعيشه الآن بكل وقائعه وتمام تفاصيله.
إذا نظرت لصورتك فى المرآة هل يمكنك أن تجزم بأن تلك هى الملامح التى يراها الجميع حولك؟ قد تبدو الإجابة سهلة لكنها فى الواقع هى السهل الممتنع.
حالة الرضا الداخلى أو الرفض هى التى تطلق الضوء الأخضر للقبول أو الأحمر للرفض. من أكثر الحالات نفسية تأثيرا فى الإنسان تلك الحالة من الرضا والقبول التى تجعلك راضيا عن ملامحك؛ لذا إذا كان لدى أمنية ــ عزيرى القارئ ــ لك فى مقتبل أيام عام جديد فهى أن تتقبل التغييرات التى يحدثها الزمن والأيام فى نفسك وملامحك بروح من الرضا الخالص رغم علمك أنها تغيرات لا قِبل لك بتغييرها، إنما هى علامات يشير لها التاريخ إلى أنه من هنا.. قد مر.
مر عام أحسبه من أكثر الأعوام قسوة على النفس، اختبرنا الله فيه بنقص من الكثير من نعمة على البشر،
وأهمها الأمان. داهمتنا جائحة عدوى كوفيد ــ ،١٩ فتساوى البشر فى لحظة فارقة لم تميز أحدهم بمال أو علم أو اختلاف جنس، إنما وقف الجميع على حد سواء أمام الخطر الذى روعهم.. فسجل التاريخ لهم لقطة تسجيلية بالفعل تاريخية وغابت تماما الجغرافيا وما بقى إلا الخوف يشكل الملامح والرعب يلون الوجوه.
يتوقف الإنسان ليراجع نفسه ويتفحص ملامحه فى ظل تجارب مختلفة مر بها وتخطاها، سواء تجاوزها فائزا أو خاسرا، هى تجارب خاصة به شخصية وإن تماثلت فى الأحداث إلا أنها تختلف كثيرا فى أثرها على الإنسان.. العلم يشهد أن قدرتك على تقبل كل ما لا يمكنك تغييره يصنع فارقا كبيرا فى تقبلك لنفسك، وبالتالى قدراتك فى مواجهة صعاب أخرى حياتية بصورة تضمن لك تجاوزها دونما خسارة تمس روحك ويتصدع معها وجدانك. فهل تحاول عزيزى القارئ؟
من نصائح قد تساعدك كثيرا فى أن تجعل من الرضا والشعور بالعرفان تجاه الزمن عادة لا تحيد عنها؛ لما لها من أثر إيجابى على النفس ــ لو تعلم ــ فاعل ومؤثر:
< ليس لك أن تصل إلى الحكمة بدون تجاعيد تنال ملامحك أو بعضها من الشعر الأبيض، يتناثر فى رأسك، لذا عليك أن تتقبل الأمر كما لو كان العمر صفقة واحدة لا يمكنك التدخل لتغيير أى من شروطها، وأن التقدم فى العمر لا يعنى أن عليك أن تتجمد فى مكانك وأن تتراجع عن الحركة وأن تنتظر نهايتك.
عليك أن تعتقد دائما أن التقدم فى العمر فرصة لمراجعة التفكير واختبار الأفكار الأكثر خبرة، والعمل على تحقيقها بوسائل لم تمتلكها من قبل، وخبرات اكتسبتها بتنوع الأعمال والتمرس على اجتياز الصعاب.
< ليس هناك على الإطلاق سن تتوقف عندها القدرة على التعلم واكتساب المهارات المختلفة، كلما تقدم بك العمر زادت قدرتك على
وأكثر قدرة على إدخال البهجة إلى قلبك، لا تخجل على الإطلاق من رغبة تدفعك لتعلم العزف على الجيتار وأنت فى السبعين من عمرك، إن فى ذلك قدرا من السعادة مضاعفا عن ذلك القدر وأنت فى الثلاثين.
إنك الآن قادر على إضافة فصل جديد تماما لحياتك يحيى (روحك) وينعش ذاكرتك فلا تتردد.
< ليس هناك خطوات تفصيلية أو إرشادية يمكن للجميع اتباعها كلما تقدمنا فى السن. ربما كان ذلك
مقبولا لدى الشباب وفى البدايات هناك دراسة معينة تسمح بالتفوق والحصول على وظيفة مرموقة، وربما شروط تسمح بالحصول على مستوى اجتماعى وزيجة موفقة: لكنك الآن انتهيت من كل الشروط التى يسعى إلى تحقيقها الجميع، الآن أنت فى مرحلة اختيارية تسمح لك بالتفرد واختيار الشروط التى ربما يراه الأقل عمرا غير مهمة أو ثانوية.
فى الاهتمام بنفسك والاعتناء بها، سواء كان ذلك اهتماما بصحتك النفسية أو الجسدية معا. الاهتمام بالأمور الروحية والثقافية أمر قد تدرك قيمته الآن، فالسعادة مفهوم يتغير مع الوقت. لك أن تعلم أن سعادتك الآن بالفعل فيما تود أن تحصل عليه وأنت قادر على الإتيان به، وأن الأهم ألا تلقى بالا على الإطلاق إلى ما لا يمكنك الحصول عليه؛ لأنك أهملته فيما مضى من العمر وكنت قادرا على الحصول عليه وقتها ولم تفعل
الشعور بالرضا والتأكيد على العرفان والامتنان من أكثر المشاعر الإيجابية على الإطلاق فى حياة الإنسان. إنها مشاعر داعمة للروح المعنوية العالية المقاومة للكآبة والإحساس بالعزلة وربما الروتين.
جرب أن تستيقظ ولديك إحساس بالامتنان لشخص ما أسدى لك نصيحة أو معاونة بسيطة. تنفس بعمق وأرسل إليه تحية صباح صامتة لن تصله لكنها سترتد إليك بإحساس مدهش أنك لست وحيدا بل حولك الكثيرون ممن يحبونك ويقدرونك.
مع التقدم فى العمر يتغير جسدك لكن ليس هذا معناه على الإطلاق أنك ستمرض أو أنك تصبح فى مرمى الخطر. هناك قواعد واضحة يضعها العلم عظيمة الفائدة وتنسحب بسهولة على أحوالك الصحية الجسدية والنفسية إذا ما اتبعتها ولم تتجاهلها:
احتفظ بوزن صحى، فإن ذلك يقيك الكثير من الأمراض وتبعاتها، مرض السكر، أمراض القلب والشرايين، السرطان، السكتة الدماغية، التهابات وخشونة المفاصل، كلها أمراض يعد الوزن الزائد حافزا لها تتحسن أعراضها مع اتباع نمط غذائى صحى.
ــ احرص على قدر من النشاط البدنى المتنوع على الأقل نصف ساعة لخمس مرات فى الأسبوع. لا تنسَ أن تبدأ ببعض حركات الإحماء وان تنتهى بها. أيضا تعلم كيف يمكنك شد عضلات وإرخاءها بسلاسة، فإذا لم تكن قد اتسع وقتك لتعلم أى من تلك المهارات فالجأ فى البداية إلى مدرب متمرس.
وإذا نظرت لصورتك فى المرآة هل يمكنك أن تجزم بأن تلك هى الملامح التى يراها الجميع حولك؟ قد تبدو الإجابة سهلة لكنها فى الواقع هى السهل الممتنع.