متابعه: سوزان مصطفى
تذكر منظمة الصحة العالمية (WHO) أنّ التعرض للزئبق وهو عنصر طبيعي يمكن أن يوجد في الهواء والماء والتربة ،
ويمكن أن يسبب مشاكل صحية خطيرة حتى بكميات صغيرة.ويمكن أن يكون للتلوث أو التسمم بالزئبق آثار سامة خطيرة
على الإنسان مما يؤثر على الجهاز العصبي والجهاز الهضمي وجهاز المناعة وكذلك الرئتين والكلى والجلد والعينين.
وتعتبر منظمة الصحة العالمية في الوقت الحالي أنّ الزئبق هو أحد المواد العشرة الأولى التي تثير قلق الصحة العامة.
وتستكشف دراسة بحثية نُشرت مؤخراً في المجلة الدولية لعلم الآثار وشارك فيها باحثون من جامعة إشبيلية العلاقة المعقدة
بين البشر والزئبق بمرور الوقت.وفي هذا المقال الذي يحمل عنوان “إستخدام وإساءة إستخدام الزنجفر في أوآخر العصر
الحجري الحديث والعصر النحاسي في أيبيريا” ،قدم فريق مكون من 14 متخصصاً في علم الأحياء والكيمياء والأنثروبولوجيا
الفيزيائية وعلم الآثار نتائج أكبر دراسة أجريت على الإطلاق حول وجود الزئبق في العظام البشرية مع عينة من إجمالي 370
فرداً من 50 مقبرة تقع في 23 موقعاً أثرياً في إسبانيا والبرتغال يرجع تاريخها إلى العصر الحجري الحديث والعصر النحاسي
والعصر البرونزي والعصور القديمة ،وبالتالي تشمل 5000 عام من تاريخ البشرية.
وكشفت النتائج أنّ أعلى مستويات التعرض للزئبق حدثت في بداية العصر النحاسي بين 2900 و 2600 قبل الميلاد.
في هذه الفترة ،وزاد إستغلال وإستخدام الزنجفر بشكل كبير لأسباب إجتماعية وثقافية.وسينابار (HgS) هو معدن كبريتيد الزئبق
الذي عند سحقه يتحول إلى مسحوق ذو لون أحمر مذهل ولامع.وتاريخياً تم إستخدام هذه المادة لإنتاج أصباغ في الطلاء كونها
مشهورة في العصور القديمة (“أحمر بومبيان”) أو في الفن الحديث (المعروف بإسم “القرمزي“).لقد حدث أنّ أكبر منجم
للزنجبار في العالم ،والذي تم إعلانه كموقع للتراث العالمي من قبل اليونسكو يقع في المادين في وسط إسبانيا.
وبدأ إستغلال المادين كينابر في العصر الحجري الحديث قبل 7000 عام مع بداية العصر النحاسي منذ حوالي 5000 عام
،وأصبح الزنجفر منتجاً ذا قيمة إجتماعية كبيرة بشخصية كانت مقدسة مقصورة على فئة معينة وفاخرة في مقابر هذه الفترة
المكتشفة في جنوب البرتغال والأندلس ،وتم إستخدام مسحوق الزنجفر (غالباً ما تحول إلى صبغة) لطلاء الغرف الصخرية
وتزيين التماثيل أو اللوحات ونشرها على الموتى.ونتيجة لذلك لابّد أنّ العديد من الأشخاص قد إستنشقوها أو تناولوها عن طريق
الخطأ مما أدى إلى تراكمات غير متوقعة من الزئبق في أجسامهم.وتم تسجيل مستويات تصل إلى 400 جزء في المليون
(جزء في المليون) في عظام بعض هؤلاء الأفراد.