هدير فكري
قال وزير الدفاع بيني غانتس في مقابلة مع مجلة “فورين بوليسي” الأميركية إن بلاده مستعدة لقبول التعايش مع اتفاق نووي إيراني جديد، محذراً في الوقت ذاته من تحرك عسكري إذا طوّرت طهران أسلحة نووية.
واعلن غانتس أنه يمكنه قبول “النهج الأميركي الحالي لإعادة البرنامج النووي الإيراني مجدداً إلى الصندوق”، وهو تعليق نادر من مسؤول إسرائيلي رفيع، إذ لطالما عارض صنّاع القرار في تل أبيب الاتفاق النووي السداسي الذي عقدته إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما مع إيران في يوليو (تموز) 2015 باعتبار أنه مليء بالثغرات التي تسمح لطهران بامتلاك سلاح نووي في المستقبل، فضلاً عن عدم معالجة الأنشطة الإيرانية المزعزعة للاستقرار في المنطقة.
ومع ذلك، وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن المتحدث باسم وزير الدفاع قال في وقت لاحق إن غانتس لا يدعم عودة الولايات المتحدة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، التي تُعرف إعلامياً بـ”الاتفاق النووي”، لكنه يؤكد أن تل أبيب يمكنها قبول اتفاق نووي جديد أطول وأوسع وأقوى.
وفي المقابلة، أوضح غانتس أنه يريد أن يرى “خطة (ب) قابلة للتطبيق بقيادة الولايات المتحدة” تتضمن ضغوطاً سياسية ودبلوماسية واقتصادية كبيرة ضد طهران، على أن تُفرض بشكل مشترك من قبل أميركا وأوروبا وروسيا والصين، إضافة إلى خطة تهديد عسكري موثوقة، إذا فشلت المحادثات التي تستضيفها العاصمة النمساوية فيينا.
وقال “علينا أن نضع الصين في هذا أيضاً، على آسيا أن تلعب دوراً”، مشيراً إلى علاقات إيران الاقتصادية المتنامية مع الشرق الأقصى.
وأضاف، “ليست لدى تل أبيب القدرة على قيادة خطة حقيقية ، لا يمكننا وضع نظام عقوبات اقتصادية دولية. يجب أن تقود واشنطن هذا الأمر.
يجب على إيران أن تأخذ الولايات المتحدة وحلفاءها على محمل الجد”. ولوّح غانتس بالتهديد العسكري، قائلاً إن بلاده لديها خطة “ج” التي تتضمن عملاً عسكرياً.
وأشار إلى أنه على الرغم من أن إسرائيل لا توازي الولايات المتحدة قوة، لكن “لدينا قدراتنا”. ومضى محذراً من أنه إذا فشلت القوى العالمية في منع إيران من حيازة سلاح نووي، فإن ذلك سيؤدي إلى سباق تسلح نووي، “الدول الأخرى لن تقف موقف المتفرج… ستشتري مباشرة من باكستان أو من أي جهة أخرى”.
في المقابل، مرت محادثات فيينا، التي تُجرى بوساطة أوروبية إضافة إلى روسيا والصين، بستّ جولات لم تسفر عن شيء نحو العودة إلى اتفاق 2015 أو تأسيس اتفاق جديد. وينتظر المفاوضون الدوليون منذ نهاية يونيو (حزيران) الماضي، عقد الجولة السابعة التي طلبت طهران تأجيلها إلى ما بعد تنصيب الرئيس الجديد إبراهيم رئيسي، في مطلع أغسطس (آب) الماضي.
وخلال لقائه الرئيس الأميركي جو بايدن في البيت الأبيض، الشهر الماضي، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، أنه لن يقوم بحملة علنية ضد جهود واشنطن لإقناع إيران بالعودة إلى اتفاق 2015، وهو ما يُعدّ خروجاً عن نهج سلفه بنيامين نتنياهو، الذي شنّ حملة شرسة ضد خطة العمل الشاملة المشتركة وقَبِل دعوة لإلقاء كلمة في جلسة مشتركة للكونغرس حيث ضغط من دون جدوى على المشرعين ضد الاتفاق في عام 2015، مما أدى إلى تفاقم الخلاف المتزايد بالفعل بين إسرائيل والحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة، بحسب صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”.
وانسحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من الاتفاق في مايو (أيار)2018 وأعاد فرض عقوبات قاسية ضد طهران، مما دفع الأخيرة إلى التخلي عن التزاماتها النووية.
لكن إدارة بايدن أكدت ضرورة النهج الدبلوماسي في التعامل مع القضية على الرغم من مواصلة إيران أنشطة تخصيب اليورانيوم.
ولطالما انتقدت إسرائيل ودول المنطقة الاتفاق النووي، باعتباره لم يقضِ بنهاية البرنامج النووي الإيراني بل حدّد المدة، ما يعني استئناف طهران أنشطتها النووية بعد انقضاء فترة الاتفاق، إضافة إلى عدم تناوله قضية الصواريخ الباليستية واستخدام وكلاء إقليميين لإثارة التوترات في دول المنطقة، وهي الأمور التي يرغب بايدن بمعالجتها عبر اتفاق نووي جديد أوسع وأكثر شمولاً. لكن المنتقدين يصرّون أنه لا يمكن الوثوق بالحكومة في طهران لالتزام أي اتفاق.
المستوطنات باقية
ورداً على سؤال حول الصراع الإسرائيلي المستمر مع الفلسطينيين والقرارات المحتملة بشأنه، أوضح غانتس أنه لن تتم إزالة المستوطنات اليهودية من الضفة الغربية، على الرغم من قوله “نحن بحاجة إلى كيانين سياسيين هنا” وتأكيده على أهمية العلاقة مع السلطة الفلسطينية.
وفيما التقى غانتس الرئيس محمود عباس في رام الله، الشهر الماضي، قال الوزير الإسرائيلي لـ”فورين بوليسي”، “عباس لا يزال يحلم بحدود 1967 (انسحاب إسرائيل من الضفة الغربية والأراضي المحتلة) وهذا لن يحدث… عليه أن يدرك أننا باقون… لن نزيل المستوطنات”.