متابعة :تامر عز الدين
اعتادت صنعاء اليمنية أن تبشر بشهر رمضان بالعادات والتقاليد القديمة ، لكن ممارسات الحوثيين
سلبت روحانيات هذه الاحتفالات ، بما في ذلك المساجد.
مع اقتراب شهر رمضان تشهد صنعاء حراكاً اجتماعياً واسع النطاق ، لا سيما بين الأسر التي
تقوم بتنظيف وترتيب منازلها ، فيما تولى الرجال تنظيف أحياء وأزقة المساجد وتعليق الزخارف أمام
كل منزل مهمة المصابيح ، والحاجة إلى اقتناء القمر المقدس.
أما أطفال صنعاء ، في فترة الحوثيين ، فبعد أن عبروا عن فرحتهم بغناء الترانيم الشعبية لاستقبال رمضان ،
وخاصة الأيام الأخيرة من شعبان ، أصبحوا بائعي زينة رمضان مع اقتراب شهر رمضان للتعبير عن حبهم وحيويتهم.
مرح.
ويتغنى الأطفال بالكثير من الأهازيج لاستقبال رمضان منها: “يا مرحبا بك يا رمضان.. شهر التوبة والغفران”
و “يا رمضان يا بو الحماحم.. إدي لنا قرعة دراهم”.
لكن العادات والتقاليد الروحانية التي كانت تسود استقبال شهر رمضان في صنعاء، دمرتها مليشيات الحوثي
إثر تضييقها على سكان صنعاء والتي وصلت حتى إلى المساجد، حيث تحولت منابر دعائية لتسعير الحرب.
واستطلعت ، آراء مواطنين في صنعاء عن طقوس استقبال رمضان ونكهته الروحانية بداية من حرصهم
على أداء صلاة التراويح طمعا في نيل الثواب والأجر والعودة إلى المنازل، وتناول وجبة العشاء،
ومن ثم الذهاب إلى مجالس الذكر لقراءة القرآن في المنازل والدواوين العامة، تقام كأماكن التقاء في الأحياء السكنية، وهي حلقات ذكر تمتد حتى منتصف الليل.
أزمات ضاعفت هموم رمضان
سلبت مليشيات الحوثي روحانية الشهر الفضيل بعيد حرمان مستمر للموظفين من مرتباتهم، وانعدام فرص العمل، وخسارة الخدمات، فضلا عن أساليبها المتشددة في منع صلاة التراويح بزعم أنها بدعة، فضلا عن إغلاق مكبرات الصوت أثناء أداء الصلوات الخمس.
يقول المواطن اليمني مرشد المطري، إن أجواء الشهر الكريم في صنعاء، لم تعد كما كانت فقد تبدلت أحوال الناس وتغيرت أوضاعهم الاقتصادية، فعوضا عن الترحيب بالشهر الكريم، أصبح الناس منشغلين بتدبير مصاريف رمضان.
وزاد من ذلك حسب المطري، أن مليشيات الحوثي ترفض صرف مرتبات الموظفين منذ 8 أعوام، فيما ارتفعت أسعار المواد الغذائية أضعافا مضاعفة، نظرا للسياسيات الحوثية الجبائية واستحداث مراكز جمركية ضاعف من أسعارها، بالإضافة إلى أزمة المشتقات النفطية والغاز والتي تحرص مليشيات الحوثي على بيعها في السوق السوداء فيما تستخدم الأسر “الكراتين والورق” لإشعال النار في مواقد طهي الطعام.
ويرى المواطن اليمني أن الأسرة التي كانت تفرح بقدوم رمضان أصبح مجيء الشهر الفضيل همّا في توفير المبالغ المالية التي يحتاجونها لشراء احتياجات شهر الصوم.
ويمضي قائلا، “أكثر ما بات يقلق الأسر هو ارتفاع الأسعار بشكل جنوني، فبدلا من أن يتقي الله عناصر مليشيات الحوثي في شهر رمضان، يفرضون على رجال الأعمال الإتاوات المالية والتي ضاعفت أسعار السلع”.
مضايقات ومساجد لبث السموم
من جهته، يقول المواطن اليمني حزام عبدالله” إنه من الواضح جدا أن العادات والتقاليد التي كانت سائدة لدى سكان صنعاء بدأت في التغير وأصبح الناس أكثر همهم هو توفير احتياجات الشهر الكريم.
ويرى عبدالله أن أرباب المنازل أكثر ما يهمهم حاليا هو توفير الغاز المنزلي، أو غاز الطهي الذي أخفته مليشيات الحوثي، من أجل إجبار المواطنين على التوجه إلى السوق السوداء التابعة لقيادة المليشيات وشرائها بأسعار مرتفعة جدا.
وبالنسبة لناصر علي وهو مواطن التقته ” في أحد أسواق صنعاء الشعبية فإن عادات استقبال الشهر الفضيل، اختفت بسبب الممارسات والمضايقات التي تقوم بها مليشيات الحوثي، والتي حولت المساجد إلى منابر لبث سموم الكراهية ونشر الطائفية الملغومة.
وأوضح أن مجالس الذكر التي تقام كانت في الغالب لقراءة القرآن والسيرة النبوية لصاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم، تحولت اليوم تلك المجالس إلى تجمعات للشكاوى وتبادل الآهات من الوضع القائم، بعد أن حرمت مليشيات الحوثي السكان أبسط حقوقهم.
وقال إن “واقعنا أكثر بؤسا، هاهي الأسواق التي كانت تضج بالحياة تبدو وكأنها تئن من وطأة الفقر والفقراء، حيث ازدادت الفاقة، وأصبح المواطن يبحث عن توفير قوت يومه الضروري وسط أسعار ملتهبة”.
وأضاف: “الحوثيون يفرضون سياسة إفقار دمرت ما تبقى لدى المواطنين من كرامة وهدمت قيم المجتمع بصورة فجة ووقحة، فحتى الخدمات التي يدفع المواطنين أثمانها تباع لهم بأضعاف من أسعارها الحقيقية إثر إخفاء تلك السلع والمتاجرة بها للإثراء الشخصي”.