متابعة : نوران سعاده
التغافل هو الترفع عن الدنايا وصغار الأمور والهفوات التي لا تغير الحقائق ولا تبدد الحقوق ولا تقلل من الكرامة ولا تنكر معروف ولا تؤصل لباطل، فالتغافل شكل من أشكال الصفح والعفو، إذ أن الدين الإسلام ي الحنيف دعا دعوة صريحة للعفو عن الناس، إذ يقول الله تعالى في كتابه العزيز” فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”.
وللتغافل فضل كبير فى بقاء الود مع من حولك ، فأمور الدنيا لا تستحق كل ذلك القهر ولا الانفعال فالحياة بسيطة تحتاج لمن يفهم كيف يعيشها وكيف يتعامل مع من حوله، لأن البشر بطبيعتهم خطائين ولديهم مزيد من الزلات، لذا يجب أن يتعلم الإنسان الصفح والعفو والتغافل.
فالتغافل دلالة على كرم الخلق ورفعة الأشخاص، حيث إن التغافل من فعل الكرام ، ويقول الإمام الشافعي الكيس العاقل هو الفطن المتغافل، بمعنى أن الفطنة في التغافل ، واجبه على المسلم ، فيقول الحسن رضي الله عنه” ما استقصى كريم قط قال الله تعالى عرف بعضه وأعرض عن بعض”.
التغافل يبقى الود بين الناس ويجعل الشخص كريم بين قومه، حيث لا ذكاء ولا عدل في الوقوف عن كل هفوة ولا زلة يمر بها الشخص، إذ أن التغافل يرفع القدر فيقول جعفر رحمة الله “عظموا قدركم بالتغافل” ، وان الله يحب كل هين لين، فمن تغافل عن الإساءة يكرمه الله ويسعده ويعوضه ويغفر له ذنوبه، فالله يحب عباده المحسنين.
التغافل من صفات أهل الجنة الذين يمشوا في الأرض بالصلاح والحب والود، ولا يأذوا أحد ولا يرهقوا الناس ويتجاوزوا عن الإساءة ، فالتغافل دلالة على حسن إسلام المرء لقول الإمام ابن القيم رحمة الله عليه”من قواعد الشرع والحكمة أيضاً أن من كثرت حسناته وعظمت وكان له في الإسلام تأثير ظاهر، فإنه يُحتمل له ما لا يُحتمل من غيره، ويُعفى عنه ما لا يُعفى عن غيره، فإن المعصية خبث، والماء إذا بلغ القلتين لم يحمل الخبث؛ بخلاف الماء القليل فإنه يحمل أدنى الخبث” ، وقال معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه “العقل ثلثه فطنة، وثلثاه تغافل”.