إعداد/ محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء التاسع مع الإيمان واليقين، وإن توحيد الله شكر، والمحافظة على الصلاة شكر، وصلة الرحم شكر، وبر الوالدين شكر، والإحسان إلى الفقراء والمساكين شكر، وتسخير المال فيما يحبه الله شكر لله، فعلينا أن نشكر الله، ونراجع أنفسنا في تقصيرنا في ذلك، وإن العلامة الثانية هى الصبر عند البلاء، فإذا بلي المسلم صبر، والصبر واجب، وإنه لن يسلم أحد من الابتلاء، فيبتلى الناس بالخير والشر، فقال عز وجل فى سورة الأنبياء” ونبلوكم بالشر فتنة وإلينا يرجعون” فكم من شخص بلي بنعمة فلم يشكر الله عليها وسخرها في معصية الله؟ والصبر يكون على أقدار الله المؤلمة، فكم من مريض يعاني المرض؟ وكم من مديون يعاني من الدين؟ وكم من مشرد؟
وكم من شخص فقد ولده؟ وكم من أم مكلومة؟ وكم من مظلوم؟ فعلى الإنسان أن يصبر وأن يتعامل مع خالقه ويتأمل كلام ربه القائل فى سورة الزمر “إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب” والعطية على قدر معطيها أيها المبتلى، فيعطيك ربك عطاء لا حصر له ولا عد، واعلم أيها المصاب أن الله يحب الصابرين، واعلم أن الله مع الصابرين معية خاصة من الله للصابرين، فعليك أن تصبر على أقدار الله المؤلمة، وأن تصبر على طاعة الله، تحافظ على صلاة الجماعة في جميع الأوقات، هل صليت الفجر مع الجماعة؟ هذا صبر على طاعة الله، تترك لذة النوم والفراش تعظيما واستجابة لأمر الله، تعظم الله تحب خالقك وترجو رحمته وتخشى عقوبته، فهل أخرجت زكاة مالك؟
فإن هذا صبر على طاعة الله، وهكذا تحاسب نفسك، وغير ذلك من العبادات هل أديتها وصبرت على طاعة الله تقدست ذاته وأسماؤه وصفاته، وأن تصبر على معصية الله عز وجل، فكم من شخص إذا خلا بمحارم الله تساهل ولم تصبر نفسه على المعصية، فينظر إلى جواله والناس لا يرونه لأنه لم يصبر عن معصية الله؟ ألم تعلم أن من ترك شيئا لله عوضه الله خير منه في الدنيا والآخرة؟ يعوضك الله نورا في قلبك، يعوضك الله سعادة وسرورا تجد طعمه في قلبك، ذاق طعم الإيمان، الإيمان له طعم وله لذة تركت هذه المعصية إجلالا لله، لأنك تعلم بأن الله يراك، فيقول تعالى فى سورة الملك” إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كريم” ويقول سبحانه وتعالى “ولمن خاف مقام ربه جنتان”
فاصبر عن معصية الله واعلم بأن العوض رضا الله، واعلم بأن العوض جنة، كما قال تعالى” جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين” وإن العلامة الثالثة من علامات وأمارات السعادة هو أن الإنسان إذا أذنب استغفر، فيقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم “كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون” فالإنسان يقع في الخطأ بسمعه وبصره وبلسانه لكن المؤمن يرجع إلى خالقه عز وجل، فيعلمون أنهم سيرجعون إلى الله، ويعلمون أنهم سيقفون بين يدي الله، ويعلمون أن كل شخص سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان، ويكره بأعماله وأفعاله، نعم فيرجعون إلى خالقهم، فالاستغفار سبب لمنع عقوبة الله، وسبب لحصول الخير، فمن أسباب المتاع الحسن في الدنيا هو الاستغفار.
والمتاع الحسن يشمل الصحة، ويشمل المال، نعم يتمتع الإنسان بما يحبه الله تعالى، ومن أسباب ذلك هو كثرة الاستغفار، وكان رسول الهدى صلى الله عليه وسلم يستغفر ويقول “يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب إلى الله وأستغفره أكثر من سبعين مرة” وفي حديث آخر في صحيح مسلم “إنه يغان على قلبي فاستغفر الله مائة مرة” ويقول ابن عمر رضى الله عنهما “كنا نعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة يقول رب اغفر لي وارحمني وتب علي” وهو المغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فأكثروا من الاستغفار، والزموا الاستغفار، واعلموا أنه سبب لرفعة الدرجات، ولتكفير السيئات، ولزوال الهموم والغموم، ولحصول السعادة، ولدخول الجنة، وللنجاة من النار.