كتب-شيرين رفعت
انعقدت القمة الافتراضية بين قطبي الاقتصاد العالمي امريكا والصين ، حيث تحاول الولايات المتحدة الأمريكية
قيادة العالم تحت لواء مصالحها لما يواجهه الاقتصاد الأمريكي من تحديات متعددة، فعلى الرغم من أن التعافي كان أسرع من المتوقع،
فإن التضخم الحاد يمثل مشكلة كبرى، كما يعاني الاقتصاد مشكلة طويلة الأمد تتمثل في قلة الاستثمار الموجه للأطفال
-بما يشمل عدم تقديم الدعم الكافي للوالدين العاملين، بالإضافة إلى التزامات معالجة التغير المناخي،
مما يفرض على الكونجرس السعي لمعالجة هذه المشكلات طويلة الأجل من خلال تمرير مشروع قانون “إعادة البناء بشكل أفضل”.
ويرجع ارتفاع التضخم الحالي للعديد من الأسباب، مثل: إعادة تشكل العمالة بعد جائحة “كوفيد-19″،
وتحول الإنفاق من الخدمات إلى السلع، والاضطرابات المستمرة في سلسلة التوريد، وارتفاع أسعار النفط والغاز العالمية.
تجدر الإشارة إلى أن الرئيس الأمريكي “جو بايدن” يسعى لمعالجة الجوانب الاقتصادية الجزئية للتضخم
من خلال زيادة السعة في الموانئ ، وتوسيع إنتاج الرقائق الدقيقة، والنظر في تحرير المواد الخام من مخزون الدفاع الوطني،
ولكنه لم يتخذ بعد الخطوة الكبرى المتمثلة في تخفيض التعريفة، خصوصًا على البضائع الصينية.
ومع ذلك، فإن فوائد هذه الخطوات محدودة، لأن التضخم في نهاية المطاف هو مشكلة اقتصادية كلية
مما يجعلها مهمة بنك “الاحتياطي الفيدرالي” ليبقي التضخم تحت السيطرة، وعليه،
يحتاج صانعو السياسة في “مجلس الاحتياطي الفيدرالي” إلى إدراك أن الأدوات،
مثل شراء الأصول، لا يمكنها حل مشكلات جانب العرض التي تقيد أسواق العمل والإنتاج في الولايات المتحدة الأمريكية.
كما أن الاقتصاد الصيني يواجه مشكلة الديون السامة، تلك الديون التي يصعب سدادها، والتي تعد سمة دائمة لاقتصاد الصين، و
قد كان آخرها متعلقًا بشركة “إيفرجراند” الصينية، عملاق التطوير العقاري الصيني، حيث تعاني من اضطرابات
خلال الفترة الأخيرة؛ بما يهدد بإعاقة قطاع العقارات.
ومن الجدير بالذكر أن صناعة العقارات في الصين ملزمة بسداد 20 مليار دولار من السندات الخارجية في الربع الأول من عام 2022.
كما حذر مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، في الـ 8 من نوفمبر الجاري، من أن مشكلات العقارات في الصين تهدد الاقتصاد العالمي بأسره.
وعلى الرغم من أن البنوك المعنية بالقروض العقارية في الصين غالبًا ما تكون صغيرة، فإنها تضيف مشكلة عملاقة،
فقد قدرت مجلة “الإيكونومست” أن ما يصل إلى 20% من النظام المصرفي التجاري من المحتمل أن تكون له صلات
وثيقة مع كبار رجال الأعمال أو الشركات الخاصة.
هذا، ويستخدم “شي جين بينغ”، زعيم الصين، سيطرة الدولة لمواجهة التهديدات التي تواجه العقارات والمصارف،
حيث تتولى الحكومات المحلية السيطرة على بعض المشروعات غير المكتملة؛ للاستمرار في تنفيذها،
كما يتم في البنوك الصغرى إجبارُ العديد من المساهمين -من الشركات- على الاستقالة،
واستبدال مديري الأصول التابعين للحكومة المحلية بهم.
ومن هنا جاء عقد الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيره الصيني شي جين بينغ،
مؤتمرًا افتراضيًّا عبر الفيديو، وصفته وكالة أنباء الصين الرسمية (شينخوا) بعد انتهائه بأنه كان “صريحًا وبناءً وموضوعيًّا ومثمرًا”.
والجدير بالذكر، أن هذا الاجتماع يعد الأول، وجهًا لوجه، وإن كان افتراضيًّا، للرئيسين منذ تولي بايدن منصبه في يناير الماضي،
حيث لم يجمعهما سوى اتصالًا هاتفيًّا في وقت سابق، هذا وتأتي المحادثات وسط توترات متزايدة بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم،
في عدد من القضايا الخلافية مثل (تايوان، والشؤون التجارية، وحقوق الإنسان).
بينما لم يخل اللقاء من تحذيرات متبادلة أطلقها الجانبان حول القضايا الخلافية، مع التأكيد على مسؤولية الطرفين تجاه العالم،
فقد نقلت الصحف عن الرئيس شي جين بينغ عقب الاجتماع،
بأنه أبلغ نظيره الأمريكي بأن بلاده ستضطر لاتخاذ “إجراءات حاسمة” إذا تجاوزت القوى المؤيدة لاستقلال تايوان “الخط الأحمر”.
في المقابل، أعرب الرئيس الأمريكي من جهته عن “مخاوفه حيال ممارسات الصين بشكل عام في كل من (شينجيانغ “تركستان الشرقية”،
والتبت، وهونج كونج، وحقوق الإنسان)، وأشار إلى أن الولايات المتحدة تبقى وفية لسياسة “الصين الواحدة”،
مؤكدًا أنه “يعارض بشدة” كل محاولة أحادية لتغيير الوضع الراهن أو الإخلال بالسلام والاستقرار في مضيق تايوان.
كان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين قد تحدث إلى نظيره الصيني،
وسط قلق دولي متزايد بشأن التوغلات العسكرية الأخيرة لبكين في منطقة الدفاع الجوي التايوانية
، فيما أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، أن الولايات المتحدة حذرت الصين من “ضغوطها العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية” على تايوان،
وذلك قبل قمة منتظرة على نطاق واسع بين زعيمي البلدين.
جدير بالذكر أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين ذكّر نظيره الصيني وانغ يي ”
باهتمام الولايات المتحدة الطويل الأمد بالسلام والاستقرار عبر مضيق تايوان”،
وحث بلينكين بكين على “الانخراط في حوار هادف لحل القضايا سلميًّا، وبطريقة تتفق مع رغبات ومصالح الشعب في تايوان”.
ومن هنا فقد جاء صراع تلك القوى على مناطق النفوذ والثروات التي من أهمها منطقة الشرق الأوسط ، منطقة الخليج العربي ،
منطقة القرن الأفريقي ، منطقة البحر الأسود …الخ ، حتى أصبح الاقوى نفوذا هو من يستقطب
تلك المناطق إليه ويقيم هناك علاقات المصالح والدعم المتواصل .