إعداد / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الخامس مع قيمة الإحترام وإحترام القيم، ومَن أطلق لسانه في العلماء بالثلب، ابتلاه الله تعالى قبل موته بموت
القلب، ويقول الله تعالى فى سورة النور” فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم”
وذكر رجل عالما بسوء عند الحسن ابن ذكوان رحمه الله تعالى فقال “مه لا تذكر العلماء بشيء فيميت الله تعالى قلبك”
وإن من أعظم الآثار العاجلة لانتقاص العلماء والتهكم بهم موت القلب لأن من انتقص نقلة الدين هان الدين في قلبه،
وسهل عليه أن يتوجه بالطعن المباشر في أحكام الله تعالى وحدوده، ومن سبر أحوال كثير ممن يرفضون أحكام الله تعالى،
ويطعنون في شريعته، أو يستميتون في تأويلها وتحريفها يجد أن بدايات انحرافاتهم.
كانت بالطعن في العلماء، فعوقبوا بالجرأة على الدين كله تأويلا وتحريفا وردا وانتقاصا، ونعوذ بالله تعالى من الضلال والهوى،
فإن الطاعنون في علماء الشريعة هم أهل الأهواء والبدع والنفاق لأن العلماء يحولون بينهم وبين نشر النفاق والفساد والابتداع في
الدين إذ ببيان العلماء يظهر العلم، ويرفع الجهل، وتزال الشبهة، وتصان الشريعة، ويكون الناس على طريق مستقيمة، ومحجة
واضحة، لا غموض فيها ولا التباس ولذا كان أئمة السلف الصالح إذا رأوا من يطعن في عالم رباني اتهموه في دينه، وجعلوا ذلك
قاعدة عند الناس حتى لا يغتروا بطعنه، فقال يحيى بن معين رحمه الله تعالى “إذا رأيت الرجل يتكلم في حماد بن سلمة وعكرمة
مولى ابن عباس.
فاتهمه على الإسلام” وإن الطاعنون في العلماء الفرحون بمصاب العلماء أو موتهم، والداعون إلى العزوف عنهم، وتحجيم
دورهم أو إلى عدم اعتبار أقوالهم هؤلاء إنما يبتغون بذلك تجهيل الناس بدينهم، وإبطال شريعة الله تعالى فيهم، وإطفاء نوره الذي
استضاءوا به، ونقلهم من الهدى والنور إلى الضلال والظلام ، وقال أيوب السختياني رحمه الله تعالى ” إن الذين يتمنون موت
أهل السنة يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون” وإن محبة علماء الشريعة الربانيين، ومعرفة
قدرهم، وحفظ مكانتهم، والذب عن أعراضهم، والانتصار لهم ممن بغى عليهم، منهج السلف الصالح ودليل الهدى والإتباع.
وفي هذا يقول أبو حاتم الرازي رحمه الله تعالى “إذا رأيت الرجل يحب أحمد بن حنبل فاعلم أنه صاحب سنة” فاتقوا الله عباد الله
حق التقوى وتمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، فإن الآثار السيئة التي تترتب على عدم احترام أهل العلم, وتقديرهم وتعظيمهم
وإعطائهم حقهم الشرعي, الذي لهم من التوقير والاحترام, كثيرة ووخيمة ومن ذلك أن يفقد الناس الثقة في أهل العلم, فلا يقبلون
منهم كلاما ولا فتوى ولا نصحا ولا إرشادا, فلا يكون للعلماء دور الريادة والقيادة في الأمة, فيتخذ الناس الرؤوس الجهال
المضلين، ويتجرأ السفلة والسفهاء للطعن في العلماء, والتطاول على الشريعة بعد ذلك، وإشاعة العداوة والبغضاء في المجتمع,
بما ينتشر من حزبية بغيضة وتناحر وتنافر.
وبهذا يتحقق هدف أعداء الملة الذين سعوا من أجله عنوا بالحط من كرامة علماء الدين في أعين الناس لأن علماء الشريعة صخرة
ثابتة وجبال شماء تتحطم عليها معاول هدمهم وتتكسر عليها مشاريعهم التغريبية ومخططاتهم المشبوهة في مجتمعات المسلمين،
وإن خفافيش الظلام من أهل الأهواء والبدعة والتغريب والفساد لا يستطيعون القيام بوظائفهم في إضلال الناس وغوايتهم إلا حين
يسود الجهل بالشريعة، ويضمحل العلم بموت العلماء، أو بسكوتهم عن بيان الحق والنصح للخلق، وإن القدح بالحامل يفضي إلى
القدح بما يحمله من الشرع والدين ولهذا أطبق العلماء على أن من أسباب الكفر والإلحاد القدح في العلماء.
قيمة الإحترام وإحترام القيم “الجزء الخامس”