سوزان مصطفى
تستطيع الأم زرع ما تريد من أفكار ومبادئ فى طفلها منذ الصغر، ولكن كيف تشكل الأم شخصية إيجابية فى الفكر والتصرف ،
وشخصية قادرة على تحمل ما ينسب إليها من مهام فى الحياة، كيف تربى الأم رجلاً؟
إذا تعلقت التربية بأطفال ذكور ، حينها يرتبط الأمر بمشروع إعداد رجل فى المستقبل قادر على تحمل المسئولية يكون الزوج
والأب والأمان والسند ورب الأسرة، وتربية الطفل على أن يكون رجلاً تبدأ منذ الصغر، ولن يكون سهلاً تربية رجل حقيقى
يحترم مسئولياته ويقدر من حوله بل لابد من مراعاة غرس القيم والعادات والأفكار التى تؤثر فى شخصيته بشكل إيجابى
ويمنحه فكرا متحضرا يقدر ويحترم من حوله.
ومنذ الصغر يجب زرع بعض المبادئ التى تشكل الشخصية وإعداد رجل يُعتمد عليه يحترم الأنثى ويتعامل مع أخوته بأدب
واحترام، وعلى الأم ألا تبالغ فى خوفها على صغيرها كى لا يصبح هشًّا أمام الصعاب، فالحياة ليست على وتيرة واحدة.
وأعظم نصيحة تقدم للآباء والأمهات ألا يلبوا رغبات الابن مباشرة كى يشعر بمعنى التحمل والصبر، لأنه كثيراً ما يشكو الأب
من استهتار الابن وعدم تحمله المسئولية ويقول الدكتور على النبوى، استشارى الطب النفسى متسائلا :
هل نعطى الطفل كل ما يطلبه ؟ أم نرفض؟
ويجيب .. الأطفال لديهم ذكاء فطرى، فالطفل يعرف أنه عندما يطلب شيئاً لابد أن يحضره الأب أو الأم، ووسائل الطفل لتحقيق
ما يريد كثيرة، وأهمها أنه يعرف مدى حب الوالدين له، فيبدأ الطفل بالبكاء المستمر الذى يزعج الأم، ولذلك تضطر لتحقيق
وتنفيذ ما يريده أو يرفض الطعام، وهو يعلم أيضاً مدى قلق الأم لامتناعه عن الطعام، ولذلك يضغط عليها لتستجيب،
والمشكلة أنه بمجرد حصوله على ما يريد يزهده، ويفكر فى لعبة أخرى أو طلب آخر، ولو اعتاد الطفل تحقيق كل ما يريد،
سوف تضطرب شخصيته، ويصبح شخصية اعتمادية.. لا يصبر على تحقيق أحلامه.
يضيف: أما عندما تعطى للطفل كل ما يريده، سيصبح محباً للاستمتاع اللحظي، وهو ما يؤهله للبحث عن المتعة،
حتى ولو فى غير محلها، مثل الإدمان، وتقوية شخصية الطفل تكون عن طريق تنظيم العطاء له وتدريبه على التحمل فى حالة
دعم تلبية الرغبة.
فى السنوات الثلاث الأولى من حياة الطفل يمكن تلبية كل رغبات الطفل من الحاجات الأساسية والترفيهية والألعاب،
بدءاً من السنة الرابعة تلبى 70% من احتياجاته، وتؤجل 30% منها، فلابد من تربية الطفل على التحمل.. ويتابع:
الطفل يتبع طريقة االزن على الودانب وللأسف لأننا نعانى القلق كآباء أو أمهات ولا نحب الإزعاج نستجيب لرغبات الطفل
كى نستريح من بكائه، وبذلك يعرف أن هذه هى طريقة التفاوض للحصول على ما يريد.. والطفل بعد مرحلة الحضانة يفضل
تدريبه على الادخار (التحويش) مثلا فى حصالة، ويفهم معنى التحمل ليحصل على ما يريد، ولا تعطى طفلك ألعاباً على أنها
مقابل واجبات عليه فعلها، لأننا بذلك نجعل الطفل استغلالياً، وعندما يكبر يصبح شخصية استغلالية، لكن الأفضل أن تصل للطفل
سلوكيات وأفعال من الأب والأم توضح له الواجبات التى يجب عليه فعلها، والهدايا والمكافآت هى تعبير عن الحب.
وتوضح الدكتورة هالة منصور، أستاذ علم الاجتماع بجامعة بنها، أن الرجل نتاج للمرأة االأم التى قامت بتربيتهب،
وهناك فرق بين الرجولة والذكورة، فالذكورة هى النوع البيولوجى، أما الرجولة فنوع اجتماعى لذلك نجد أن الرجولة مرتبطة
بمهام ومسئوليات ودرجة من الاحتواء والحنان والتفاعل الإيجابى، بالتالى مطلوب من الأم أن تربى رجلا بمعنى الكلمة يكون
قادرا على تحمل مسئولياته، ومؤمنا بأن الرجولة التزام وليس لأنه مجرد ذكر يكون له درجة وشأن اجتماعى.. وأكدت أن الأدوار
الاجتماعية تحدد من خلال التربية، وكانت بالفعل الأسرة فى الماضى تقوم بالتربية على أن يكون الذكر رجلاً تبعاً لهذا المعنى
متحملاً للمسئولية، والفتاة تُربى على أن تكون زوجة وأماً، إلى أن حدثت تغيرات بالمجتمع تسببت فى تشوه مفهوم الرجولة،
وأصبح المعتقد لدى الكثيرين أن الذكر مميز دون بذل أى مجهود، وتأثرت بذلك المرأة، وبدلاً من أن يكون الرجل والمرأة
مكملين لبعضهما، أصبح يُنظر للمرأة على أنها الجانب الضعيف دائماً التى لابد أن يسيطر عليها متجاهلين أن المرأة أيضاً تتحمل
نفس أعباء الرجل بأساليب مختلفة.
فمعظم الرجال يعتمدون على نوعهم البيولوجى كذكور لكى يشعروا بالتميز، حتى أننا نجد أن معظم الناس يستند إلى التمييز
فى الشكل البيولوجى فيقوم بتربية العضلات ويتجه إلى بعض الأفعال التى تترتبط بالذكورة أكثر من الرجولة وتتعارض معها،
فيملى على نفسه الكثير من المفاهيم الخاطئة مثل اممنوع الحنية، وممنوع الرجل يبكىب، ويريد أن يمارس على المرأة الصفات
التى تنتمى للفحولة والذكورة، وليس الرجولة.. لذلك نريد أن نربى الذكور على أن يكونوا رجالاً بمعنى الكلمة بأن نرسخ لديهم
مفاهيم صحيحة مباشرة على أنه رجل عليه مسئوليات لابد أن يتحملها بشكل إيجابي، وأن الأنثى هى أمك وزوجتك وأختك،
ومن حقها أن تتمتع بالحب والاحتواء والحنان، وأن الرجل والمرأة يلعبان فى المجتمع والحياة أدواراً مكملة لبعضهما البعض.
أما نانسى صميدة، إخصائية علم النفس، فإن التربية السليمة هى التى تصنع الرجال، موضحة أن هناك بعض الأخطاء التى تقع
فيها الأمهات أثناء تربية الذكور ينتج عنها رجل اعتمادى واتكالى على من حوله، فيعتمد على أشقائه البنات بفعل الأم التى تصوِّر
له أنه رجل ويجب أن يأتى إليه كل شيء وهو فى مكانه حتى يكبر على ذلك فيتكبر على مساعدة زوجته فى شتى أمور الحياة
سواء فى تربية الأولاد أو أمور المنزل، وقد يزداد الأمر سوءاً مع البعض حيث يعتمد بعضهم على الزوجة فى تدبير مصروفات
المعيشة ويرغمها على الخروج للعمل.
تتابع: يجب أن يكون للذكر شخصية مستقلة عن الأم، ويبدأ ذلك من ترك الاختيارات البسيطة للذكر منذ الصغر كاختيار ملابسه
وطعامه وكتبه المفضلة