متابعة : نوران سعاده
الصلاة هى عماد الدين ولا يحرص عليها إلا المتقون الذين يعلمون جيدًا أنها أول ما سنحاسب عليه يوم
القيامة ، فإن صلحت صلح سائر الاعمال وفزنا بجنات النعيم، وإن فسدت خبنا وخسرنا ، لذا يجب علينا
معرفة متى لا يقبل الله صلاتنا ؟
ويجيب عن هذا السؤال الدكتور رمضان عبد الرازق ـ عضو لجنة الدعوة بالأزهر الشريف فيقول “إن مسألة
قبول الصلاة من عدمه هو أمر في يد الله سبحانه الذي قال في حديثه القدسي : «إنما أتقبل الصلاة ممن
تواضع بها لعظمتي، ولم يستطل بها على خلقي، ولم يبت مُصرًا على معصيتي، وقطع نهاره في ذكري
ورحم الأرملة والمسكين، وابن السبيل، والمصاب.. ذلك نوره كنور الشمس. أرعاه بعزتي، وأحفظه
بملائكتي، وأجعل له في الظلمة نورًا، وفي الجهالة حلمًا، ومثله في خلقي كمثل الفردوس في الجنة»
رواه البزار؛ وهذا بالنسبة للذين يقبل الله صلاتهم. أما الذين لا تقبل صلاتهم، وهنا كلمة (لا تقبل)، لا
تعني أن المولى ـ عز وجل ـ لن يقبل بمثابرتنا على طاعته، بل لأننا فعلنا شيئاً نهانا عنه سبحانه من
خلال نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم؛ كأن يذهب أحدنا إلى أحد الدجالين أو العرافين فهذا لا تقبل
صلاته لمدة أربعين يومًا، لقوله صلى الله عليه وسلم :« من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له
صلاةٍ أربعين ليلة» رواه مسلم؛ أو لو شرب أحدنا الخمر فهذا أيضًا لا تقبل صلاته لمدة أربعين ليلة، لقوله
صلى الله عليه وسلم: « من شرب الخمر لن تقبل له صلاة أربعين يومًا» رواه الترمذي، وقد بين لنا الإمام
النووي في شرحه أن الإنسان إذا تاب بعدما شرب الخمر وأراد أن يصلي فلا مانع، وصلاته صحيحة
ولكن لا ثواب له فيها حتى تنتهي تلك الأيام الأربعون.
ويكمل :”وكذلك إذا تركنا أحد أركان الصلاة عمدًا وقصدًا، كترك الطمأنينة في ركوعها أو سجودها، فقد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات مرة رجلاً يصلى في المسجد، ولكنه لا يتم ركوعه وينقر في سجوده، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأصحابه: “لو مات هذا على حالته هذه مات على غير ملتي، فالذي لا يتم ركوعه وينقر في سجوده مثل الجائع يأكل التمرة والتمرتين لا تغنيان عنه شيئاً” رواه الطبراني؛ وأيضًا إذا قمنا وصلينا أمام الإمام فهذا لا يجوز وإن كان المالكية والحنابلة قد أجازوا ذلك مع الكراهة في حالة وجود عذر كضيق المسجد واكتظاظه بالمصلين؛ أو إذا أخللنا بأحد شروط الصلاة، والتي تنقسم إلى قسمين: أولهما شروط وجوب، كالإسلام والعقل والبلوغ ودخول وقت الصلاة، وثانيهما شروط صحة، وهي استقبال القبلة، وستر العورة، والطهارة، لقوله صلى الله عليه وسلم: “لا تقبل صلاة بغير طهور” رواه مسلم .
ويقول الدكتور عطية لاشين ـ أستاذ الفقه المقارن وعضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف-: إن مسألة القبول من عدمه هو أمر غيبي لا يعلمه إلا الله ولا يستطيع أحد أن يجزم أن صلاته قبلت أو لا، ولكن هناك أشياء إذا فعلناها تبطل صلاتنا، وذلك إذا فعلنا الحدث سواء الأصغر أو الأكبر لسهوٍ أو غيره فهنا يجب علينا الوضوء، لقوله- صلى الله عليه وسلم-:”لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ” رواه أبو داود؛ وإذا أصابتنا النجاسة سواء بالثوب أو بالبدن، ولكن لو تمكنا من إزالتها حالاً عن ثوبنا بالنفض أو بغيره لم تبطل صلاتنا؛ وإذا انكشفت عورتنا بسبب الريح أو غيرها إن لم نستر أنفسنا حالا.
وإذا تكلمنا عمدًا، ولكن لو نطقنا بالقليل من الكلمات نسياناً أو جاهلاً بحرمة ذلك فإنه نعذر بنسياننا أو جهلنا، لقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» رواه ابن ماجه والبيهقي؛ وكذلك إذا تحركنا كثيرًا في الصلاة فإن صلاتنا تبطل، وقد قدر الفقهاء الحركة الكثيرة بثلاث حركات واشترطوا فيها أمرين: أولهما، التتابع والتوالي، وثانيهما، أن تصدر الحركة من عضو ثقيل؛ كاليد، أو الرجل، أو الرأس أما الأصابع والأجفان والشفة فلا بأس بحركتهم وإن تعددت وتوالت؛ وإذا نوينا قطع الصلاة أو ترددنا في قطعها، أو علقنا قطعها بشيء؛ وأيضًا إذا انحنينا بالبدن كله؛ أو زدنا على أحد الأركان الفعلية للصلاة كالسجود أو الركوع وكنا نعلم بحرمة ذلك؛ أو تقدمنا على الإمام أو تخلفنا عنه بركنين فعليين كأن يسجد المأموم وما زال الإمام يقرأ، أو يعتدل الإمام بعد ركوعه وما زال المأموم يقرأ.