إعداد / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء السابع مع نعمة الأمن والأمان، وإن الأمن هو مطلب الناس جميعا، فالخليل إبراهيم عليه السلام يدعو الله أن يجعل بلده آمنا، ويوسف عليه السلام يطلب من والديه دخول مصر مخبرا باستتباب الأمن بها، فقال تعالى فى سورة يوسف ” فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبوية وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين” ولمّا خاف موسى أعلمه ربه أنه من الآمنين ليهدأ روعه، وتسكن نفسه، كما جاء فى قوله تعالى فى سورة القصص ” وأن ألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين” ولما رحم النبي صلى الله عليه وسلم أهل مكة يوم فتحها ذكرهم بما ينالون به الأمن مما يدل على أهميته.
لدى المؤمنين والكافرين، فقال صلى الله عليه وسلم ” من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن ألقَى السلاح فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن” رواه مسلم،ةوإن من الوسائل وأدوات الإسلام للمحافظة علي الأمن وتحقيقه ومنها هو شكر الله عليها وإدامة ذلك، فالنعم تثبت بالشكر وتذهب بالجحود، وفي القرآن الكريم حكاية ما قاله موسى الكليم عليه الصلاة والتسليم لقومه كما جاء فى سورة إبراهيم ” وإذ تأذن ربك لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابى لشديد” وكذلك تحقيق توحيد الله تعالى، فالتوحيد أمن في الدنيا والآخرة، فقال الله عز وجل فى سورة النور.
“وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم فى الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذى ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدوننى لا يشركون بى شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون” فلا أمن إلا بإقامة العبادة الخالية من شوائب الشرك فلا يُدعى غير الله، ولا يُستغاث إلا بالله، ولا حلف إلا بالله، وغير ذلك من صور الشرك الأكبر المخرج عن دين الإسلام والبدع التي ما أنزل الله لها من برهان، وأما في الآخرة فقد قال الله تعالى فى سورة الأنعام ” الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون” فهم مهتدون في الدنيا، وآمنون في الآخرة، وإن من الوسائل أيضا هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
فقد قال تعالى فى سورة الأعراف ” فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون” وسكت عمن سكت ولن ينكر، ولم يخبر بحالهم، وأن من وسائل المحافظة على الأمن أيضا هو الدعاء، وقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم إِذا رأى الهلال قال ” الله أكبر، اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام والتوفيق لما تحت وترضى، ربنا وربك الله” رواه الترمذى، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح “اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر وآمن روعاتي،
اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي” رواه أبو داود، ومن دعائه عليه الصلاة والسلام قوله “اللهم إني أسألك الأمن يوم الخوف” رواه البخاري، وإن تحقيق للأمن فقد نهي الإسلام عن الفتنة بكل صورها وأشكالها، فقال تعالى فى سورة الأنفال “واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب” وكما أمر بالتصدي لها فقال تعالي “وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير” وكذلك فإن تحقيقا للأمن نهي الإسلام عن الفساد، وقال الله تعالي فى سورة الروم ” ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت أيدى الناس ليذيقهم بعض الذى عملوا لعلهم يرجعون”