دين ومجتمع

نفحات إسلامية مع أكل أموال الناس بالباطل “الجزء السابع

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء السابع مع أكل أموال الناس بالباطل، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أتدرون من المفلس؟ قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال صلى الله عليه وسلم”المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار” رواه مسلم، والترمذي، وعن أبي عثمان عن سلمان الفارسي، وسعد بن مالك، وحذيفة بن اليمان، وعبدالله بن مسعود، حتى عدّ ستة أو سبعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا إن الرجل لترفع يوم القيامة صحيفته حتى يرى أنه ناج.

فما تزال مظالم بني آدم تتبعه حتى ما تبقى له حسنة، ويحمل عليه من سيئاتهم” رواه البيهقي وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “دعوة المظلومِ مستجابة، وإن كان فاجرا ففجوره على نفسه” رواه أحمد، وعن أبي عبدالله الأسدي قال سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يقول، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “دعوة المظلوم وإن كان كافرا ليس دونها حجاب” رواه أحمد، فالناس حتى الكافرون منهم والفاجرون، وأعداء الإسلام في العقيدة حقوقهم مصونة في ظل الإسلام، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “من كانت عنده مَظلِمة لأخيه من عرض أو من شيء، فليتحلله منه اليوم من قبل ألا يكون دينار ولا درهم” رواه البخاري، والترمذي.

وبيّنت أحاديث نبوية شريفة أخرى أن العبد إذا آمن وتاب بعد أن كان قد اعتدى على حدود الله وعلى أموال الناس، فالله سبحانه يتوب عليه ويتجاوز عن حقوقه، ولكن لا يتجاوز عن حقوق الناس، وإن كان هؤلاء الناس كفرة ومن أهل النار، فالله سبحانه يوم الحساب سيقتص لهم من الظالم، أو يدفع إليهم من حسناته بقدر ما ظلمهم قبل أن يدخل هو الجنة، وقبل أن يدخلوا هم النار، فالمرء الذي ينشأ منذ نعومة أظفاره على هذه المبادئ أنى له أن يعتدي وأنى له أن يسرق إلا من شذ؟ وفي معركة القادسية حين فتح المسلمون بلاد فارس، بعث القادة العسكريون بغنائم هذه البلاد إلى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه فلما نثرت بين يديه ورأى ما فيها من غنائم نفيسة.

التي كان من بينها سوار كسرى، أعجب بأمانة قادته وجيشه، فقال إن قوما أدّوا هذا لأمناء، وكان الإمام علي رضي الله عنه حاضرا، فقال يخاطب عمر رضي الله عنه “عففت فعفت الرعية، ولو رتعت لرتعوا” وإن من مفاخر هذا الدين في هذا الباب أن عدد الأيدي التي قطعت طوال الفترة التي طبقت فيها التعاليم الإسلامية، كانت ست أيدى، وإن الإسلام كفل لكل فرد من أفراد المجتمع ما يكفيه، سواء أكان مسلما أم غير مسلم، وقد كفل عمر بن الخطاب لكل مولود ما يكفيه من بيت المال، كما كفل لكل فرد غير قادر ما يحتاج إليه هو وأسرته، وقد وجد عمر يهوديا ضريرا يسأل الناس، وحين سأله لماذا تفعل هذا؟ قال اليهودي الحاجة والجزية، فأخذ عمر بيده.

وذهب به إلى خازن بيت مال المسلمين، وقال انظر هذا وضرباءه فأعطى لهم ما يكفيهم، ثم قال ما أنصفنا هذا وضرباءه إن أخذنا شبيبته وتركناه عند الكبر، وقد كتب عمر بن عبدالعزيز إلى عدي بن أرطاة وهو عامله بالبصرة قائلا “وانظر من قبلك من أهل الذمة قد كبرت سنه، وضعفت قوته، وزالت عنه المكاسب، فأجرى عليه من بيت مال المسلمين ما يصلحه فقد بلغني أن عمر بن الخطاب مر بشيخ من أهل الذمة يسأل، فقال له ما أنصفناك إن أخذنا منك الجزية في شبيبتك، ثم ضيعناك عند الكبر، ثم أجرى عليه من بيت المال ما يصلحه” ومن هنا، فإن السارق بعد ذلك يعتبر خائنا، والسارق الخائن لا بد وأن يلقى جزاءه، وجزاء اليد التي تخون قطعها كما قضى بذلك رب العزة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
مرحباً بكم في الإخبارية عاجل هل ترغب في تلقي إشعارات بآخر الأخبار؟ لا نعم