متابعة-شيرين رفعت
انعقدت القمة الثلاثية في أثينا بين مصر وقبرص واليونان هي موضوع الساعة ، حيث اعتقد البعض أنه سيتم تراجع شريكي مصر
بسبب الظروف الطارئة بالمنطقة ، إلا أن انعقاد القمة هو ترجمة حقيقية للعلاقات الناجحة
التي ترتكز على العلاقات التوافقية التبادلية بين أطراف القمة.
استضفنا عددًا من المحللين السياسيين والاقتصاديين في محاولة لقراءة دلالات القمة
حيث أكد السفير محمد حجازي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن انعقاد القمة الثلاثية على هذا المستوى لعدة مرات لهو دليلٌ
على أهميتها الاستراتيجية، والفائدة التي تعود منها على البلدان الثلاثة من النواحي الاقتصادية أو السياسية، وذلك لتحقيق
أمن واستقرار المنطقة خاصةً بعدما أصبحت من المناطق الواعدة في إنتاج الغاز، وكذلك لإنشاء شبكة ربط كهربائي ستمتد
مستقبلًا لتربط مصر بالشبكة الأوروبية، وأكد أن هذا التجمع الثلاثي ليس موجهًا ضد أحد ولكنه تجمعٌ لدول
ارتضت التعاون سبيلًا للتغلب على تحديات المرحلة الراهنة.
آلية التعاون الثلاثي
كما رأى السفير محمد عبد الحكم، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن آلية التعاون الثلاثي بين مصر
وقبرص واليونان نموذجًا للتعاون الإقليمي في العلاقات الدولية، وتمثل «القمة» محفلًا استراتيجيًا لمناقشة
سبل تعزيز التعاون وتنسيق المواقف بين الزعماء الثلاثة حيال القضايا الإقليمية والدولية، وقد تمخضت القمم السابقة
عن إنجازات عديدة في مقدمتها: منتدى غاز شرق المتوسط، ودعم علاقات التعاون والاتفاق على العديد من المشروعات
وأمس تحقق إنجاز مهم؛ وهو الربط الكهربائي، وهذا الاتفاق من شأنه تنمية موارد الطاقة المتجددة، ودعم أمن الطاقة لأوروبا.
وأكد الكاتب السياسي أحمد المسلماني أن القمة مهمة، وتُعقد في توقيت مهم، فمصر خطت تجاه التعاون مع قبرص واليونان
بخطى ناجحة منذ 2014، وهو تحرك نابع من رؤية استراتيجية وليس مكايدةً سياسية لأحد، وفي 2016 تحولت الاستراتيجي
ة لآلية للتعاون الثلاثي، ومصر يمكن أن تكون مصدرًا مهمًا للطاقة المتجددة لأوروبا وسيتحقق ذلك على مستوى أول بالربط الكهربائي
بين مصر وقبرص، وأيضًا بآلية تصدير الغاز لأوروبا، وهذا أيضًا ليس منافسةً لأحد ولكن لتحقيق أمن الطاقة لأوروبا.
مصر والساحة الدولية
كما أكد أحمد ناجي قمحة، رئيس تحرير مجلة السياسية الدولية، أن القمة تؤكد من جديد عودة مصر للساحة الدولية
كشريك استراتيجي مهم في كل قضايا الشرق الأوسط وشرق المتوسط، ونموذج «مصر وقبرص واليونان» هو أحد نموذجين
ناجحين تشارك بهما مصر، والثاني هو نموذج الشام الجديد «مصر والعراق والأردن»، وكلا النموذجين يتحركان في
إطار أكبر بعد تحديد الأهداف والمصالح المشتركة، وهكذا تعمل مصر انطلاقًا من وعيها بأن هذه التجمعات الصغيرة
هي آلية لتكوين شبكة من المصالح الأقوى لعرض المواقف المصرية الاقتصادية أو السياسية.
بينما رأى الدكتور محمد عز العرب، رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجيه
أن الهدف الرئيسي من القمة هو ترجمة التوافق إلى مشروعات مثمرة، وكان هناك تصور من جانب أطراف إقليمية، وتحديدًا أنقرة
بوجود مُحدثات قد تؤدي لتراجع الشريكين الرئيسيين: قبرص واليونان، ولكن هذه القمة عبرت عن تعزيز التعاون بقطاعي الغاز والكهرباء وغيرهما.