متابعة : سوزان مصطفى
كانت أحلام الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي الكثيرة، امتلاك قوة عسكرية ترهب أعداءه وتحمي بلاده مترامية الأطراف.
وظل النظام الليبي قبل ذلك يبذل جهودا كبيرة في هذا الاتجاه وخاصة في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، وخصص الأموال الضخمة لشراء آلاف الدبابات
ومئات من الطائرات الحربية بمختلف أنواعها بما في ذلك القاذفات بعيدة المدى من نوع تو – 22، علاوة على السفن الحربية الحربية بما في ذلك المخصصة للإنزال.
وقد جعل النظام من أولى أولوياته هي الأأهمية الخاصة بالقوات البحرية لامتلاك ليبيا ساحل طويل على المتوسط يزيد عن 1800 كيلو متر،
وكانت التوترات سبباً في هذا الاتجاه التسليحي ومن ثم مع الولايات المتحدة وخشيته من تهديد الأسطول السادس، الذراع الأمريكية في حوض المتوسط.
شرع القذافي منذ فترة مبكرة في بناء قوة بحرية، حاول تزويدها بمختلف أنواع السفن والقوارب الصاروخية.
واتجه النظام الليبي بالتعاون العسكري بينه وبين الاتحاد السوفيتي في عام 1973، وأرسلت موسكو بين عامي 1973 – 1983 حوالي 500 من المستشارين العسكريين والمترجمين إلى ليبيا
، ومع توسع التعاون العسكري بين البلدين تضاعف عدد هؤلاء الخبراء مع حصول ليبيا على معدات وأسلحة سوفيتية متنوعة حديثة
مشروع الغواصات الليبية بدأت قصته نهاية عام 1971، باجتماع بين قيادات في البحرية الليبية ومسؤولين في البحرية السوفيتية
، إلا أنه انتهى بالفشل، لعدم وجود خبراء في شؤون الغواصات في صفوف الوفد الليبي.
ثم حاول الليبيون من جديد شراء غواصات من الاتحاد السوفيتي، وكللت المحاولة بالنجاح هذه المرة حيث حصلت البحرية الليبية أول قطعة من ست غواصات تعمل بالديزل في ديسمبر عام 1977
، والتحقت الغواصة التي أطلق عليها اسم بدر بالبحرية الليبية، تلتها الغواصة الفاتح في فبراير 1978
، وأحد في مارس 1978، وتلقى العشرات من البحارة الليبية دورات تدريبة في المؤسسات العسكرية السوفيتية.
وبالفعل حصلت ليبيا عام 1983على ثلاث غواصات أخرى من نفس النوع، ليرتفع بذلك أسطول غواصاتها إلى ستة حملت الأسماء التالية: “بدر، الفاتح، أحد، المطرقة، خيبر، حنين”.
وكان حلف الناتو قد أطلق على مثل هذه الغواصات السوفيتية من المشروع 641 اسم ” Foxtrot class”،
ويبلغ طول هذه الغواصة 89 مترا، ووزنها عند الطفو 1983 طنا، فيما يبلغ الوزن عند الغوص 2515 طنا،
وهي قادرة على الإبحار السطحي لمسافة 37000 كيلو متر، وتحت الماء لمسافة 20000 كيلو متر
لم تتمكن طواقم الغواصات الليبية من التعامل مع هذا النوع من الأسلحة الحديثة والمتطورة
التي تحتاج على عناية فائقة وقدرات لتشغيلها وصيانتها، فبدأ الإهمال يدب إليها بعد سنتين من الحصول عليها.
لكن هذا الأسطول” أسطول الغواصات الليبية “لم ينفذ مهمات بحرية حقيقة في المتوسط إلا نادرا،
وبقيت هذه الغواصات بلا حراك في الموانئ الليبية يتآكلها الصدأ،
خمس منها في موانئ شرق البلاد، وواحدة أرسلت مطلع التسعينيات إلى لاتفيا التابعة حينها للاتحاد السوفيتي لإجراء إصلاحات وبقيت هناك بعد انحلاله.