الملف الليبي بين الفرقاء والوسطاء والأمن الاستراتيجي
هل أوشك الملف الليبي على الانتهاء ؟! هل هي بداية للانطلاق نحو طريق الحرية والرقي؟! ام أن السيناريو الذي يحدث هو بمثابة تقسيم الكعكة على كل من له نهم في خيرات وثروات ليبيا الشقيقة ؟! ، حيث عقد المؤتمر حول الشأن الليبي مؤخرا في باريس وتم دعوة دول الجوار إضافة إلى الدول المعنية بهذا الملف او حتى الدول التي لها أطماع في ثروات ليبيا ، اجتمعوا جميعا حول مائدة الحوار والتشاور لرسم خريطة طريق من أجل إنجاح المرحلة العصيبة المقبلة وهي مرحلة الانتخابات الليبية المقبلة خلال الشهر القادم ، وبلا شك فهذه المرحلة تشهد المزيد من فرض الضغوط لإفشال الانتخابات الليبية من ذوي الأطماع وأصحاب الأجندات الاستعمارية ، ومن هنا فقد شاهدنا الفرقاء والوسطاء على طاولة الاجتماعات الفرنسية من أجل الاتفاق وليس التصادم ، إلا أن الموقف المصري واضح منذ بداية الأمر وهو انتخابات حرة نزيهة بعد خروج المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا الشقيقة حفاظا على الأمن الاستراتيجي المصري .
ولذلك فقد استمر اهتمام الخبراء والمحللين بمؤتمر باريس الدولي من أجل ليبيا الذي أصدر بيانه الختامي يوم الجمعة الماضي متضمنًا ضرورة التزام جميع الأطراف الليبية بإجراء الانتخابات المقررة في 24 ديسمبر المقبل وقبول نتائجها، وسحب جميع المرتزقة والمقاتلين الأجانب من البلاد، وكانت هذه النتائج، وبالطبع كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي أمام مؤتمر باريس، محل تحليل من جانب المحللين المصريين ومحل تقدير من جانب الأشقاء الليبيين الذين تحدثوا وعبروا عن تحليلاتهم ومواقفهم .
حيث أكد السفير علاء يوسف سفير مصر في فرنسا أن الجميع اتفق في مؤتمر باريس على ضرورة خروج القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا ودعم الأشقاء الليبيين لتشكيل مؤسساتهم، وكلمة الرئيس السيسي أمام المؤتمر لاقت ترحيبًا كبيرًا وتقديرًا من الإخوة الليبيين ومن الأطراف الأخرى التي شاركت، لاسيما وأن موقف مصر من ليبيا لم يتغير منذ سبع سنوات، بما أكد للمجتمع الدولي أن مصر لا هم لها سوى مصلحة الشعب الليبي.
وأكد الدكتور محمد كمال، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أنه من المحتم أن تُدعى مصر لمؤتمر باريس للاستماع لوجهة نظرها في هذا الملف، والتي تتطابق مع وجهة نظر فرنسا والولايات المتحدة وألمانيا، وتقوم على خروج المليشيات والقوات الأجنبية وإجراء الانتخابات في ديسمبر، والعبرة ستكون بإجراء الانتخابات في عموم ليبيا وليس في مناطق محددة، ووفق قواعد تضمن قبول نتائجها حتى لا يرفع أحد السلاح معترضًا على النتيجة.
وتوقع «كمال» أن تشهد الفترة القادمة ضغوطًا لتقليص حجم التواجد الأجنبي لاسيما في ظل تأثير ليبيا
على منطقة الساحل والصحراء التي تتواجد بها قوات أمريكية وفرنسية، فضلًا عن تصديرها للهجرة غير الشرعية لأوروبا
مضيفًا أن الرئيس السيسي في كلمته أمام مؤتمر باريس خاطب الليبيين قائلًا: «يا أحفاد عمر المختار»، للتأكيد على خطورة التواجد الأجنبي بالبلاد.
كما رحب الدكتور رمزي الرميح، مستشار المنظمة الليبية لدراسات الأمن القومي، بالبيان الختامي الصادر عن مؤتمر باريس
معتبره بمثابة ترجمة للرؤية المصرية للقضية الليبية، وتتويجًا للنية الصادقة للرئيس السيسي تجاه الملف الليبي
إذ يؤكد سيادته دائمًا على أهمية الحفاظ على المؤسسات الوطنية، وخروج المرتزقة والقوات الأجنبية.
كذلك رحب بالبيان الدكتور حامد فارس، الخبير في الشئون العربية والأفريقية، معتبرًا إياه
نتاج للجهود الدبلوماسية المصرية لحل الأزمة الليبية،
بدليل أن بنوده تعتبر ترجمة لبنود إعلان القاهرة.
وأخيرًا أشار الدكتور أكرم حسام، الخبير الأمني والإقليمي، إلى أن ملف المرتزقة والوجود الأجنبي في ليبيا معقد للغاية
فهناك دول متمسكة بوجود قوات أو مرتزقة أو قواعد عسكرية لاستخدامها كأداة للضغط
ومصر من الدول الداعمة لحل تلك المشكلة لأن استمرار الميليشيات ليس مشكلة أمنية بالنسبة إلى لبيبا أو مصر
فقط ولكنه أداة لعرقلة المسار السياسي فيما بعد، فمن الصعب الفصل بين المسار الأمني والسياسي والعسكري
فهي مسارات مترابطة، والمقاربة المصرية تطرح النهج الشامل للمسارات كافة.
الملف الليبي بين الفرقاء والوسطاء والأمن الاستراتيجي