إن محافظة الأمة المسلمة على هويتها الإسلامية، والاعتزاز بهذا الدين العظيم، يولد لديها الشعور بأنها الأمة
التي اصطفاها الله تعالى بين العالمين لخيريتها وسمو تشريعاتها، ولكن وللأسف نرى أناسا من المثقفين العرب وغيرهم
يكفرون بهويتهم، وينقلبون على واقعهم الإسلامي بالهمز واللمز، بل ويذوبون في المشروعات الغربية المناهضة للمشروع الإسلامي
والتغريب هي القنطرة التي عبرت عليها العلمانية إلى الشرق، وهذا التغريب لم يكن لحظة انبهار
لأن الانبهار يزول سريعا فتبدو الأشياء على حقيقتها، وإنما كان لحظة عمى وعمه حضاري
ولنا الوقفه مع مقولة في غاية الشموخ، والرفعة للإنسان المسلم، وهي للفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
“إنا كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام, فمهما نطلب العز بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله ” وإن الناظر والمتأمل
في أحوال الكثير من المجتمعات الإسلامية اليوم يرى تساهلا في الحفاظ على الهوية الإسلامية في كل مجالاتها
ولعلك لو قمت بزيارة إلى بعض هذه المجتمعات في مساجدها، أو أسواقها، أو شوارعها، لأخذتك الدهشة
والاستغراب لما تراه من ضعف التمسك بالهوية الإسلامية
وقد تظن أحيانا أنك في مجتمع غير إسلامي لكثرة المؤثرات الغربية التي غزت مجتمعاتنا
وللأسف قد تفشى من منذ زمن في الكثير من المجتمعات الإسلامية، وعلى مستوى الرجال
والنساء، وخصوصا الأطفال، والشباب، تقليد المجتمعات الغربية في لغاتهم، وفي ملابسهم، بل وفي كثير من أساليب.
وطرق حياتهم المختلفة، وهذا أمر مؤلم لأن الاستمرار في قبول هذه المؤثرات،
وعدم السعي إلى تغييرها، والاعتزاز بالهوية الإسلامية يجعل مجتمعاتنا قابعة في ظل التبعية، والتقليد
ثم الإحساس بالدونية، والغلبة، وأخشى أن الحال الذي وصل إليه المسلمون اليوم هو ما أخبر عنه الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم
في الحديث الشريف عن أبى سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال ” لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا شبرا وذراعا بذراع
حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم ” قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى قال ” فمن؟
وهذا الإخبار الحق من الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعني الاستسلام، والانقياد لكل آت من الغرب، والشرق.
ومخالف لتعليمات شريعتنا، بل الواجب الحق هو أن نعمل، ونجتهد كما عمل غيرنا من المجتمعات في المحافظة على هويتهم،
ونعرف الأسباب الحقيقية وراء هذا التراجع، وهذا التقليد الأعمى لكل قادم من الخارج، ثم نتعاون جميعا ونرسم الخطط، ونوفر الإمكانات
وسوف تستقيم سلوكيات المسلمين إن شاء الله تعالى في المستقبل القريب
فترتفع راية أمتنا عالية خفاقة بإذن الله تعالى، وإن دين الإسلام يُعنى بتأكيد الهوية الخاصة
ويرفض أطروحات الغرب العقدية والتشريعية، ويأمر بمخالفتها
وقد روى الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قدم المدينة وأهل المدينة لهم يومان يلعبون فيهما، فقال ما هذان اليومان قالوا كنا نلعب فيهما بالجاهلية.
فقال صلى الله عليه وسلم “إن الله أبدلكم بهما خيرا منهما يوم الأضحى ويوم الفطر” رواه أبو داود، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية “إن الأعياد من جملة الشرع والمنهاج والمناسك التي قال الله تعالى عنها فى سورة الحج ” لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه” كالقبلة والصيام، فلا فرق بين مشاركتهم العيد وبين مشاركتهم سائر المنهاج، فإن الموافقة في العيد موافقة في الكفر لأن الأعياد هي أخص ما تتميز به الشرائع، وقال الحافظ الذهبي رحمه الله “فإذا كان للنصارى عيد ولليهود عيد كانوا مختصين به فلا يشركهم فيه مسلم كما لا يشاركهم في شرعتهم ولا قبلتهم” وجاء عن الشريد بن سويد قال “مرّ بي رسول الله وأنا جالس هكذا وقد وضعت يدي اليسرى خلف ظهري واتكأت على إلية يدي فقال عليه الصلاة والسلام “أتقعد قعدة المغضوب عليهم” رواه أبو داود، والمقصود بالمغضوب عليهم، هم اليهود، ويعلق الإمام ابن تيمية على هذا الحديث فيقول “وهذا مبالغة في تجنب هديهم”
الأمة الإسلامية والحفاظ على هويتها ” جزء 1″
الأمة الإسلامية والحفاظ على هويتها ” جزء 1″