متابعة
متابعة : سوزان مصطفى
هزت فاجعة جديدة المجتمع المصري أمس السبت، بعدما أنهى موظف شاب و”اسمه نور الدين عاشور “حياته
، عندما ألقى بنفسه من الطابق الثالث، بإحدي الشركات الخاصة، إثر خلاف بينه وبين مديره.
وبينت تحريات الشرطة، أن الموظف المنتحر، كان يمر بحالة نفسية سيئة.
انتحار نور الدين لم يكن الانتحار الوحيد الذي شهده المجتمع المصري مؤخرا، فقد تزايدت أعداد المنتحرين خلال السنوات الأخيرة،
ففي دراسة بعنوان «مشكلة الانتحار في المجتمع المصري»،
نشر المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية رسوم بيانية أوضح من خلالها زيادة أعداد المنتحرين لتصل لأعلى معدلاتها في عام 2018، بواقع 1,31 شخص لكل 100 ألف من السكان.
وناقشت ملف الانتحار مع عدد من الخبراء والمتخصصين للإجابة على أهم الأسئلة المطروحة حول القضية في مصر،
وكيف يتعامل المجتمع المصري مع أزمة الانتحار؟
، وهل أصبحت مصر مضطرة لوضع استراتيجية فعّالة لمحاربته؟ وما الذي علينا فعله كأفراد للقضاء عليه؟.
لماذا يلجأ الأشخاص إلى الانتحار؟
وقال الدكتور هاشم بحري، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر،
إن “الأسباب النفسية التي تدفع الانسان إلى الانتحار يمكن أن تتلخص في مرض الاكتئاب العقلي، والذي يصيب 25 شخص من كل ألف،
وأيضا الاكتئاب المتوسط أو المزمن الذي يصيب الشخص نتيجة الضغوط المستمرة، والتي تجعله يلجأ لأصدقائه وأقاربه في الغالب،
ولكن عندما لا يجد حلا ولا نتيجة، يصيبه احساس اليأس، ويحاول الانتحار
، بالإضافة لحالات التهويش التي قد تنقلب إلى حقيقة، والتي عادة ما تنطبق على الشخصية الهستيرية”.
ونفى بحري، أن يكون الانتحار في مصر قد وصل إلى مرحلة الظاهرة،
مشيرا إلى أن أنه وفقا لإحصائيات مركز البحوث الجنائية والاجتماعية فإن نسبة الانتحار هي 1.31 لكل 100 ألف شخص من السكان،
وهذه الأرقام ليس لها قيمة كبيرة وسط التعداد السكاني الكبير للمصريين،
الذي تجاوز الـ 100 مليون شخص، مؤكدا أن تأثر المواطنين بالانتحار وتسليط الضوء عليه حاليا،
ليس لكونه ظاهرة، ولكن بسبب كثرة توثيقه بالفيديوهات ونشرها.
بحسب مركز البحوث الجنائية والاجتماعية،
فإن أعداد الرجال المنتحرة في مصر يفوق أعداد السيدات بنسبة قد تصل إلى الضعف،
وعن هذا قال هاشم، “الست على عكس الرجل، متمرسة في التعامل مع الأزمات
، لأنها تواجهها طوال الوقت، سواء من أبنائها، من الجيران، من عائلتها أو من زوجها، وهذا أكسبها نوعا من المرونة للتعامل مع الأزمات،
أما الرجل فليس لديه نفس القدرة على التحمل،
إذ تتمحور مشكلاته حول عمله فقط، والعبء المادي الذي يقع على كاهله،
لذلك يشعر بالفشل الذريع ويلجأ للانتحار، إذا واجه فشل في تحقيق الأمان المادي لأسرته”.
وحذر بحري، من انتشار الفيديوهات والصور المسربة لوقائع الانتحار على مواقع التواصل الاجتماعي،
مشيرا إلى أنها ستتسبب على المدى الطويل في اعتياد الناس على أخبار الانتحار ووجوده في المجتمع، واستسهال اللجوء إلى تلك الطريقة للهروب من الواقع.
وعن الحل الأمثل لمواجهة أزمة الانتحار، أوصى بحري
، بوضع استراتيجية للحد من الانتحار، تشارك بها جميع جهات الدولة،
بالإضافة للمجلس القومي للأمومة والطفولة
، بجانب البحث في أسباب إقدام الناس على الانتحار، للقضاء على عليها، وبالتالي القضاء على الأزمة.
هل تساهم الأسرة في زيادة حالات الانتحار؟
أشارت الدكتورة سامية خضر صالح، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إلى غياب الترابط الأسري
، الذي يشعر الأبناء بالرعب من آبائهم، ما أدى لظهور حالات انتحار كثيرة حتى بين الشباب الصغار في مرحلة الثانوية العامة، خوفا من الفشل الدراسي الذي لن تتقبله أسرهم.
وأضافت قائلة “معظم الأمهات بتصرخ في وش أولادها، ومعظم الآباء عصبيين، ولا يوجد عندهم ثقافة احتواء الأبناء،
ما يولد اضطرابات في البيت المصري، نظرا لجهل الأبوين بكيفية تكوين الأسرة، وهو ما يتحمل ذنبه الأبناء،
فنجدهم إما يبحثون عن الراحة خارج الإطار الأسري، أو يستسهلون الإقدام على الانتحار”.
ولفتت صالح إلى ضرورة توعية الأسرة المصرية بثقافة الانتباه لأطفالها، وكيفية تنشئتهم؟
وأيضا كيف تتعامل مع الأبناء الذكور وطبيعة حياتهم، وكيف تتعامل مع الفتيات وطبيعة حياتهن،
دون الوقوع في الأخطاء السلبية المنتشرة حاليا في معظم البيوت المصرية.
وتابعت خضر صالح: “على الدولة إصلاح الأسرة المصرية التي تحولت إلى مجموعة أغراب يعيشون مع بعضهم البعض تحت سقف واحد،
بتوفير سبل الوعي لترسيخ الفهم والمودة بين أفرادها”،
موضحة أن الإعلام لديه أيضا قصورا في توعية الأسرة المصرية بأسس التربية السليمة، من خلال البرامج المفيدة والهادفة.
وأوصت بعدة طرق للحد من الانتحار كقيام المجلس الأعلى للثقافة والإعلام بمراقبة ما يُعرض للمواطنين في شاشات التليفزيون،
وما يقرأونه، وأيضا الحرص على تثقيف الشعب المصري، والاهتمام بالشباب، ونشر الوعي الديني والنفسي،
والحرص على تقديم معلومات مفيدة حول التنشئة الإيجابية للأبناء، والتأكيد على معايير الأسرة المصرية الصالحة،
بالإضافة إلى تسليط الضوء على بعض الأشخاص الناجحين ليكونوا مثل أعلى حقيقي للشباب، بدلا من الفوضى التي نعيشها حاليا.