متابعة : سوزان مصطفى
زيادة في التعقيد للإقتصاد اللبناني قد يستمر طويلاً ،ويتنقل اللبنانيون دون أمل في الحل ،
وشهد عام 2021 انهيارا اقتصاديا سيتواصل في العام الجديد.
منذ مطلع العام الجاري وحتى منتصف أكتوبر/ تشرين الأول، قفزت أسعار البنزين في لبنان 1077%،
وأسعار المازوت بنسبة 1563%.
ويعد السبب الحقيقي لهذا الارتفاع الكبير في أسعار المحروقات، إضافة إلى ارتفاع أسعار النفط عالمياً،
هو تخلّي مصرف لبنان عن تأمين الدولارات لاستيراد المازوت، أي أن المستوردين يشترون الدولارات
من السوق بسعر الصرف في السوق الحرّة الذي يبلغ 15 ضعف سعر الصرف المدعوم.
ووفقا لذلك تم رفع الدعم كلياً عن المازوت، بينما ما زال مصرف لبنان يموّل استيراد البنزين بنسبة 85%
ويتوقع رفع الدعم نهائياً خلال فترة وجيزة.
و أعطى رئيس الحكومة السابق حسان دياب في 25 يوليو/حزيران موافقته على تمويل استيراد المحروقات
بحسب سعر صرف 3900 ليرة مقابل الدولار. هذه كانت أولى خطوات
رفع الدعم التي ساهمت في ارتفاع أسعار البنزين والمازوت
ونتج عن ذلك، ارتفع سعر صفيحة البنزين في ينونيو/حزيران الماضي إلى 61100 ليرة مقارنة مع 41800 ليرة،
وارتفع سعر صفيحة المازوت من 30000 ليرة إلى 46100 ليرة. ثم في 22 اغسطس/آب الماضي
تقرّر احتساب أسعار المحروقات على أساس سعر صرف 8000 ليرة مقابل الدولار، ما رفع سعر صفيحة البنزين
من 77500 ليرة للصفيحة إلى 129000 ليرة.
وارتفع سعر المازوت من 58500 ليرة للصفيحة إلى 101500 ليرة.
وفي 17 سبتمبر/أيلول تمّ احتساب أسعار المحروقات على أساس سعر
صرف 12800 ليرة مقابل الدولار، أي سعر منصة “صيرفة” في حينه،
بدلاً من سعر 8000، ما أدّى مجدداً إلى رفع الأسعار بشكل كبير.
في هذا الوقت كان سعر صرف الدولار في السوق الموازية يقفز وهو ما كان يؤدي إلى ارتفاع أسعار المحروقات أيضاً،
حتى بلغ سعر صفيحة البنزين في منتصف أكتوبر
تشرين الأول الماضي 310800 ليرة، وسعر صفيحة المازوت 311000 ليرة. وبهذا الارتفاع،
تكون أسعار البنزين قد ارتفعت بنسبة 1077% والمازوت بنسبة 1563%.
وأصبح لبنان يعاني من أزمة مزمنة في قطاع الكهرباء، وتكبّد خسائر فنية غير فنية تتراوح نسبتها التقديرية بين 36 و40%،
بحسب الدراسات التي صدرت عن وزارة الطاقة اللبنانية ومؤسسة كهرباء لبنان.
ويعتمد لبنان لتوليد الطاقة الكهربائية على محطات حرارية بكفاءة متدنية تستخدم النفط الثقيل والديزل المستوردَين
والمكلفَين والملوِّثَين،
كما أنّ التغذية الكهربائية ليست كافية، فذروة الطلب تصل تقديرياً إلى 3500 ميجاوات،
ما يؤدي إلى نقص في التغذية بمقدار 1600 ميجاوات.
و أن محطات الكهرباء قديمة وتم بناء المحطة الأخيرة في 1999، وبما أنّ نقص التغذية الكهربائية
استمرّ لحوالي ثلاثة عقود واضطرّ المواطنون إلى استخدام المولدّات الخاصة بكلفة مرتفعة تبلغ 0.30 دولار
تقريباً لكلّ كيلووات في الساعة، وجدت الحكومات المتعاقبة نفسها عاجزةً عن رفع تعرفة الكهرباء
التي ظلت مدعومة من الحكومة منذ العام 1994.
ونتيجة لذلك الانهيار توقف مصرف لبنان عن دعم الوقود الذي تحتاجه كهرباء لبنان، ما أدى لتراجع خدمات الكهرباء
وانخفضت تغذية الكهرباء ، ومع غلاء المحروقات وانقطاعها لمدة طويلة في السوق أصبح كثير من اللبنانيين من دون كهرباء .
وساعد العراق لبنان عبر تقديم ألف طن من الوقود الثقيل للمعامل بتسهيلات كبيرة وبدأت تصل الشحنات
الى المعامل في سبتمبر/ ايلول، لكن الكميات لا تكفي سوى ل4 ساعات يومياً بالحد الأقصى ولا تشغّل جميع المعامل.
أزمة الكهرباء وغلاء المحروقات تبعها أزمات أخرى أهمها أزمة القطاع الطبي حتى حذرت كبرى المستشفيات بالتوقف
عن العمل ووصل الحد إلى إعلان من مستشفى الجامعة الأمريكية في بيروت بأنه إذا لم يتم تزويدها بلمحروقات
لتشغيل المولدات الخاصة بالمستشفى فإن 145 مريضا لديها سيموتون بعد بضع ساعات.
كما كان لرفع الدعم تأثير اساسي على الدواء بعد رفع الدعم جزئياً عن الأدوية المزمنة،
الأمر الذي تَسبَّب بموجة غضب شعبية واسعة نتيجة تخطّي أسعار الأدوية القدرة الشرائية لدى المواطنين.
وشهد لبنان ظواهر غريبة عليه، كدخول التوك توك إلى الشوارع، لأول مرة، بخلاف عودة قناديل الغاز،
وبعض الادوات البدائية للإنارة، بالاضافة نزوح عدد كبير من الشركات من لبنان نحو عدد من الدول العربية
قدمت منظمة الإسكوا بعد حوار “اقتصادي اجتماعي” لمدة 6 أشهر ورقة
حلول للخروج من الأزمة الاقتصادية والمالية والنقدية الراهنة وأهمها
البدء بمرحلة انتقالية والاعتراف بالاخطاء والمسؤوليات، وعلى ضوء ذلك تحديد الخسائر بشكل واضح ومعلن،
والاتفاق على تقاسم الأعباء بشكل عادل بين مختلف الأطراف.
إقرار القطاع المصرفي والمصرف المركزي والحكومة ومختلف الأطراف المعنية بالمسؤولية عن الأزمة،
وإعادة هيكلة القطاع المصرفي وتعديل قانون النقد والتسليف على نحو يضمن استقاللية مصرف لبنان
كما دعت إلى ضبط سر صرف الليرة وفرض زيادة السيولة بالعملات الأجنبية على المصارف،
وتغيير الآلية المجحفة المعمول بها حاليا ُ والتي فرض بموجبها على المودعين
سحب أموالهم من الحسابات بالدولار بالليرة اللبنانية وفق سعر المنصة.
وقال الرئيس اللبناني ميشال عون، إن لبنان بحاجة إلى ست أو سبع سنوات للخروج من الأزمة.
وانهار الاقتصاد اللبناني في عام 2019، عندما دفعت الديون الهائلة والجمود السياسي بالبلاد
إلى أسوأ أزمة تواجهها منذ الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990
وكان نائب رئيس الوزراء اللبناني سعادة الشامي أبلغ رويترز بأن المسؤولين اللبنانيين اتفقوا
على تقدير حجم خسائر القطاع المالي في البلاد بما يتراوح بين 68 و69 مليار دولار