
متابعة : خالد مصطفى
ميزان القوى بعد تصرفات روسيا .. أوروبا والولايات المتحدة في ورطة
قال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف إن روسيا هددت الأحد بإرسال أسلحة إلى أوكرانيا ،
قائلة إن القوافل التي تحمل أسلحة أجنبية يمكن اعتبارها “أهدافا مشروعة”.
وزاد الإعلان من التوترات بين موسكو وواشنطن والغرب حيث سمحت الولايات المتحدة بمبلغ 200 مليون دولار
كمساعدات دفاعية “فورية” وخدمات لأوكرانيا ، بما في ذلك التعليم والتدريب العسكري.
أعرب العالم عن قلقه من العمل العسكري الروسي والبيانات والعقوبات الأمريكية ،
في حين يعتقد الخبراء والمحللون أنه بعد العمل العسكري ، ستتغير خريطة التوازن العالمي.
تأرجح موازين القوى
يرى أندريه سولومانوف الباحث الروسي في تاريخ العلاقات الدولية، أنه على الرغم من موجة المشاعر المعادية لروسيا
بين سكان الدول الغربية، أظهر القتال في أوكرانيا بوضوح عدم استعداد أميركا والاتحادات العسكرية السياسية الغربية لمواجهة عسكرية مباشرة مع روسيا.
ويضيف سولومانوف، أن المحاولات الحالية لمواجهة روسيا هي في الأساس عقوبات اقتصادية،
ولا تتجاوز الإمداد المحدود بالأسلحة لأوكرانيا، التي يبدو أنها غير قادرة في المرحلة الحالية
على مواجهة عملية موسكو العسكرية.
وأشار أندريه سولومانوف الباحث الروسي في تاريخ العلاقات الدولية، إلى ما أسماه سلسلة
من الهزائم العسكرية – السياسية الأميركية “وأهمها الفشل المخزي في أفغانستان”، وتابع قائلًا “أظهرت
أفغانستان بوضوح ضعف قوة الآلة السياسية العسكرية الأميركية، وتفكك نظام العلاقات الدولية الذي تبلور
بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، والذي يحدث أمام أعيننا، يعيد العالم إلى نظام الكتل المتعارضة”.
ويؤكد الباحث الروسي أنه في الواقع الجديد سيواجه اللاعبون الثانويون خيارًا، على غرار الوضع
في منتصف القرن العشرين، كما يرتبط توجه حلفاء الولايات المتحدة ارتباطًا وثيقًا بنتائج العملية العسكرية في أوكرانيا،
والتي يؤدي استكمالها إلى تغيير جذري في نقل الجهود السياسية للاعبين الإقليميين”.
ألكساندر هوفمان المستشار السياسي الروسي كانت له وجه نظر مختلفة،
حيث أكد أن التناقضات بين المجتمع عبر الأطلسي “أوروبا” والكرملين، والتي تفاقمت بسبب الوضع في أوكرانيا،
سمحت لواشنطن بزيادة نفوذها بشكل كبير في أوروبا القارية.
ويقول هوفمان المستشار السياسي الروسي، إن واشنطن في طريقها للعزلة؛ ففي منطقة المحيط الهندي والمحيط الهادئ، تراجع دورها بعد توسع نفوذ الصين الإقليمي والعالمي.
من جانب آخر، تعمل اليابان وأستراليا على زيادة قدراتهما العسكرية زيادة كبيرة، كما ازداد نفوذ الجماعة الأطلسية
في بلدان رابطة أمم جنوب شرق آسيا، ولا سيما في إندونيسيا، زيادة كبيرة.
وأضاف المستشار السياسي الروسي أنه من ناحية أخرى، وعلى مستوى الأمم المتحدة،
واجه المجتمع الأطلسي “أوروبا”، الذي تلعب فيه الولايات المتحدة دورًا قياديًا، لأول مرة منذ 32 عامًا
من الهيمنة العالمية (منذ القمة المالطية في كانون الاول 1989) رفضًا حقيقيًا وملموسًا لقوة عالمية أخرى وهي روسيا.
كما أظهر واقع المحادثات الروسية الأميركية في كانون الاول 2021 وكانون الثاني 2022،
وكذلك جدول أعمالها، أن الحوار مع الغرب يمكن أن يتم ليس فقط بين مهيمن غير مشروط و”شريك”،
ولكن أيضًا بين طرفين متساويين لهما رؤيتهما الخاصة للهيكل الأمني، على الأقل في أوروبا.
مناطق صدام وتعزيز نفوذ
مما لا شك فيه أن الأزمة الروسية الأوكرانية قد أظهرت التراجع الكبير في الدور الأميركي، والذي وصفه البعض بالأضعف
منذ عقود على المشهد السياسي الدولي أمام الدور الروسي.
وتعد الساحة الرئيسية التي برز فيها تراجع الدور الأميركي في المنطقة أمام الدور الروسي هي الأزمة السورية،
فعلى الرغم من التدخل الأميركي والتعاطف الذي أبداه أوباما مع الأحداث السورية إلا أننا نجد أن روسيا كان لها اليد العليا في القرار السوري، وتمكنت من وضع موطئ قدم لها في منطقة الشرق الأوسط عبر إنشاء قواعد عسكرية لها في سوريا وميناء طرطوس على البحر المتوسط.
من جانبه، أكد أندريه سولومانوف الباحث الروسي، أنه يجب الأخذ في الاعتبار العملية القصيرة والناجحة الأخيرة التي قامت بها منظمة معاهدة الأمن الجماعي لتحقيق الاستقرار في كازاخستان (كانون الثاني 2022)، وكذلك بعثة حفظ السلام في أعقاب النزاع الأخير في القوقاز (الحرب التي استمرت 44 يومًا بين أرمينيا وأذربيجان)، منحت روسيا فرصة لتعزيز مكانتها بشكل كبير في منطقة آسيا الوسطى وما وراء القوقاز.
وأضاف أن موسكو أثبتت بشكل مقنع قدراتها على حفظ السلام خلال الصراع السوري على حساب الدور الأميركي، كما أن النتيجة الناجحة لعملية واسعة النطاق في أوكرانيا ستؤكد قدرتها على ذلك.
من جانبه، يقول عباس جمعة الأكاديمي بالوكالة الفيدرالية الروسية للأنباء: إن العملية في أوكرانيا لن يكون لها تأثير مباشر على ليبيا وسوريا، ومع ذلك، سيكون هناك تأثير غير مباشر.
وأوضح ستؤثر هذه العملية على العالم كله بطريقة أو بأخرى، علاوة على ذلك، فإن روسيا هي أحد الأطراف الفاعلة في تسوية الصراع السوري، وعليه، فإن تقلبات روسيا ستؤثر بالتأكيد على سوريا.
وأكد أن العملية أظهرت أن واشنطن لم تكن أبدًا حليفًا موثوقًا به، ألمع وأحدث الأمثلة هم الأكراد في سوريا أو أفغانستان.
وفيما يخص آخر التطورات، نقلت وكالة الإعلام الروسية عن المندوب الروسي في المحادثات مع أوكرانيا قوله اليوم الأحد: إنهم أحرزوا تقدمًا جوهريًا، ومن المحتمل أن يتوصل الوفدان قريبًا إلى “موقف مشترك”.